لانبالغ إذا قلنا ان الحج يشكل محطة تاريخية ودينية مفصلية في نمط وسلوك حركة الانسان نحو سيريه التكاملي والعبادي وطريق التقرب الى الله . حيث يجهد ويعمل الحاج الى إنصهار روحه وعقله وجميع جوارحه أكثر فأكثر بالمثل العليا والمبادئ والقيّم البشرية والاستفادة من اللقاء الأخوي لجميع شعوب الارض على اختلاف إنتماءاتهم وألوانهم ولغاتهم وجنسياتهم حيث يشكل هذا اللقاء في بيت الله الحرام مؤتمراً إسلامياً عالمياً يتداول فيه الحجاج بعضاً من شؤونهم وشجونهم ومشاكلهم ومعاناتهم وأحوالهم في بلدانهم التي يعيشون فيها وتلاقي وتبادل الافكار والهواجس والحلول بما يساعد على تذليل العقبات أمام الازمات الكبرى ووضع المناهج والادوات والحلول المناسبة لها .وهذا يجعل من المرء أن ينظرالى المسائل والقضايا نظرة عالمية ويفكر تفكيراً عاماً وشاملاً للامور و مما يعتبر من منافع الحج المشار إليه بقوله تعالى " ليشهدوا منافع لهم " من هنا يندفع الحاج الى ان يرى نفسه مسؤولاً أمام مواجهة المشاكل البشرية العامة أن يفكر بمصالح الناس ويسعى لحل معضلاتهم من أجل إسعاد الانسان وتأمين سبل الحياة ومناخ الرفاهية في مناطق الارض كافة . واكتساب التجارب والخبرات على صعيد مستوى الشعوب لا الحكومات الرسمية. الى جانب هذا العمل هناك مناسك واحكام واعمال يقوم بها الحاج وهي تحتاج الى التهيئة والاستعداد الكامل على المستوى النفسي والروحي والفكري والجسدي وغيرهم من الامور التي تتطلبها شروط الحج من الزمان والمكان وأحكامهما من اجل استكمال وتمامية العبادة على وجهها الصحيح , وهنا يبذل الحاج جهده ويسعى لتذليل كل الصعوبات الي تعيق طريقه وتمنع من إداء مراحل العبادة في كل أطوارها وتنوعها ونسبة لطبيعة ودقة المناسك واختلاف اعمالها وخصوصياتها ... بقلم الشيخ محمد حسني حجازي ..