لقد جعل الله سبحانه فريضة الصوم في شهر رمضان . وجعل شهر رمضان الوقت المناسب والملائم لها. قال سبحانه في اللآيةالكريمة " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ولذلك كان تشريعه في السنة الثانية من الهجرة في شهر شعبان. وهذا التشريع وفي هذا الوقت المحدد كشف عن تجاوب المسلمين بشكل كامل مع الدين الاسلامي وانصهار نفوسهم في بوتقته وتعاليمه وأحكامه وذوبان رواسب الجاهلية الاولى بهذه التعاليم وارتفاعهم الى مستوى المسؤولية في مواجهة التحديات والصعوبات التي كانت تعترضهم. والذي يؤكد هذه الحقيقة إبتهاج المسلمين بدخول شهر رمضان واستعدادهم الروحي والنفسي والاخلاقي للقائه والقيلم بواجباته. وكما ان مشيئة الله وحكمته في تشريعه الصيام في هذا الوقت بالذات شهر رمضان يشير الى ميزة خاصة له دون غيره من الشهور. وتظهر هذه الميزة من معنى رمضان. ومن الاحاديث التي وردت في شأنه وأحكامه. وهذا الاسم أو اللفظ بالذات " رمضان " معروف في التاريخ منذ القدم ومصادر اللغة تثبت ذلك. فالاشتقاق اللغوي لرمضان مأخوذ من الرمض أي شدة الحر .. يقال أرض رمضاء أي شديدة الحر قال الشاعر: كالمستجير من الرمضاء بالنار . وقيل : لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها بالاعمال الصالحة فسمي "رمضان" وإليك ما ورد في هذا المعنى في الأحاديث النبوية العديدة قال رسول الله "ص" لجابر بن عبد الله : يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام ورداً من ليله وعفّ بطنه وفرجه وكفّ لسانه, خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر,فقال جابر يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث ؟ فقال رسول الله"ص" يا جابر ما أشد هذه الشروط . ولشهر رمضان أسماء أخرى وردت في روايات متفرقة منها شهرالله وشهرالصبر والمواساة وشهرالبركة وشهرالمغفرة وشهرالتوبة وشهر الإنابة وشهر القرآن وشهرالعتق من النار.وفي دعاء الامام زين العابدين في الصحيفة السجادية إذا دخل شهر رمضان قال : الحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره,شهررمضان،شهرالصيام وشهرالاسلام وشهر الطهور وشهر التمحيص وشهر القيام.ولقد قيل بأن أسماء هذا الشهر بلغت ستون اسماً وكلها بلحاظ آثاره الكريمة التي أعدها الله لعباده تفضلاً ومنةً ورحمة، ومهما يكن من أمر فشهر رمضان هذا الشهر المبارك والعظيم والكريم بعطائه وفيوضاته هو الذي جُعل وقتاً وظرفاً لفريضة الصوم وأختصه الله بها واختصها الله به.ومهما كان تبقى حقيقة الصوم واحدة من حيث المفهوم سواء بالاعتبار اللغوي أو الاعتبار الشرعي أو الاعتبار الاخلاقي، فالصوم هو الكف والامساك عن المفطرات بالمعنى الشرعي وهوكف و إمساك الجوارح عن المحرمات بالمعنى الاخلاقي وعما لا يليق بالانسان، لان ارتباط الانسان بإيمانه يعتمد النقاء والصفاء والطهارة والنزاهة قي كل شئ يتعلق به ولكي لا يتأثر بالمؤثرات الخارجية والعوارض الطارئة يحصنه التشريع الاسلامي بالتكاليف والفرائض التي منها الصوم وهو من الامور المهمة التي تقوم بعملية المراقبة والتحصين والتطهير للنفس والروح والجسد .... بقلم الشيخ محمد حسني حجازي..