ولا شك أن الحوار ضرورة وحاجة طبيعية ملحة بين بني البشر, بل يعتبر الوسيلة الأنجع والأرقى  للوصول الى نهاية ايجابية من الاتفاق وتسفيرالخلاف وذلك قبل أن تتفاقم وتتراكم الازمات وتتعاظم وبعدها, قبل الحروب الطاحنة المدمرة والقاتلة وبعدها," قبل خراب البصرة وبعدها " سواء كانت بعقلية الظافر المنتصرأو بمنطق الخاسر المنكسرلا مشكلة, المهم ان ينعقد الحوارلرسم صيغ وخرائط وقواعد تنظم نقاط الخلاف والأختلاف وضمن الآليات والأدوات المنتجة لتبيان وجهات النظر والرؤى المختلفة والمتنوعة وحتى يكون الحوارهادئا ومنتجا ومثمرا وتؤول عاقبته الى النجاح وجني الثمار الطيبة لا بد من إزالة المعوقات التي تريح جو الحوار وذلك من خلال انتخاب الاشخاص من ذوي أصحاب الكفاءة العلمية والمهارة والخبرة والمعرفة ,من الذين اختمرت عقولهم وأشبعت بالحكمة وأصبحت أكثر قدرة بفعل التجربة والممارسة والعقلنة في ميادين الحوار والفكر والثقافة وممن "لهم قصب السبق" في الاقناع والأسلوب والمرونة والأحاطة والدقة وإبعاد من تنقصه أدنى أدبيات الحوارخاصة الرؤوس الساخنة والمشتعلة والتي دأبها  الصراخ  والسباب و مقاربة الأحداث والوقائع بالتسطيح والتسخيف و الاخفاق في المعالجة المطلوبة ومن أجل الوصول الى نهاية حميدة وإيجابية من الأفكارو التفاهمات المطلوبة والمريحة لكل من الطرفين المتحاورين وتحقيق الأهداف المرجوة. فالحوار ليس قوة ونفوذ حمائم وصقور,بالدرجة الأولى هو تعبير عن النوايا الطيبة والواعية لحجم وخطورة ما يجري من أوضاع وما وصلت اليه الامور," وإلامن يحاورمن ؟ " وقد شهدنا في الآونة الاخيرة وقبلها ممن يتنطحون وينتحلون صفة المحاور وهم يملكون القدرة على كل شيئ إلا على الحوار والتحاور حتى أصبح في قاموسهم ان من أهم الامور الضامنة لنجاح الحوار اضافة شيئ من المواد " المنّكهة " من قبيل النزول والجلوس في أفخم الفنادق المرفهة وتوابعها وو... مع ضمان معالجة الفقر و المجاعة وحالات البؤس والحرمان في حوارات قادمة يكون لها الوقت والمساحة الواسعة من النقاش ووضع الحلول المناسبة لها, وعندما نسألهم عن نتائج الحوار يقولون "عادي مثل كل مرة " وهم لا يخفون انطباعهم ويتحدثون عن لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على بال أحد من الترف والبذخ والاسراف .وهذا ما لا نتمناه للحوار المنعقد في هذه المرحلة الصعبة من حياة لبنان .يبقى انه مهما تعددت العناوين و اختلفت التسميات من جدوى انعقاد الحوار لأجل تخفيف الاحتقان أوحوار التهدئة ونزع فتيل الفتنة وفك التعقيدات , فان نفس انعقاده يسهم في إراحة الرأي العام أقله على الصعيد النفسي وخاصة في فترة الاعياد ولا شك أن الحواريبقى هو الصيغة الأفضل للتفاهم والتخاطب على الطاولة الواحدة بدلا من التراشق عبر المنابر وقنوات الاعلام التي يمتزج فيها الحق والباطل وتساهم في غموض الكثيرمن الحقائق .

 

 

 

 

 

  بقلم  الشيخ محمد حسني حجازي