أي خيرٍ تطلبونه لهذا البلد ولأبنائه، بعد أن تقطَّعت السُبُل لأبسط حاجة من تأمين لقمة عيش، فضلاً عن كل المآسي التي حلَّت من خلال القوى التي تزعمت السلطة وأوصلت الأمور إلى نار الجحيم، كلٌّ يلقي مسؤوليته على الآخر، فمن هو المسؤول؟. كل الغرض الذي تزعمونه هو أنكم تريدون العيش والهناء والسعادة لهذا الشعب، ولكن القلوب تخفق خوفاً على الحياة وحذراً من الموت، هذه هي العقلية السياسية في لبنان التي لا يميِّزها إلاَّ خطابات متشنجة وبسلوكيات صاخبة بعيدة كل البعد عن واقعنا وكأنهم في عالم آخرٍ من الهستريا الجنونية التي لا يدركها إلاَّ الطاعنون بالسنِّ والقاعدون على كرسي السلطة والنائمون عن الخطر والواقع المؤلم الذي يدمي كل قلب لبناني. طالت الأزمة وما زلنا في ضجيج وصراخ بين هذه القوى التي يتأرجح بينهم حوارٌ كخطين متوازيين لا يلتقيان إلاَّ الى الدرك الأسفل وأسفل السافلين، فهل يوجد من يطلعنا على صنعة هذه الطاولة، وكيفية صناعتها ومن أية مادة اخترعت، لكي تنقذونه من البلاء والأزمة وتلك المفاهيم التي انحدرت في حوار عقيم لا يجدي ولا ينفع في بلد لا رئيس يحكمه ولا سلطة مهتمة بشعبها أمام الجوع والفقر والعوز والحرمان، وفوق كل ذلك فالحرمان من الأمل في مستقبل يوحي بالثبات والاستقرار من أجل العيش الذي هو حق لكل فرد في هذا البلد. وإلاَّ، لم يبقَ سوى العمل على قلب هذه الطاولة لمسارها الطبيعي وسحب فتيل الموت والقتل وعدم العبث بالقوانين ومسايرة الأهواء والتلطي والتقوقع الطائفي والحزبي والتمترس حول المذاهب والاحتماء بشعارات لا واقع لها ومشبَّعة بشحن الغرائز. دلونا على أية طاولة حوار تتوافقون عليها سوى تقاسيم مغانم وتوزيع مناصب من (هب ودب) كيف يمكن أن نقتنع بحوارياتكم وحواريكم وحواريِّكم وأنتم منذ أكثر نصف قرن بإدارة السلطة ذاتها والتي عجزت على الأقل بتوفير الكهرباء رغم هول الفواتير؟ أو تأمين دواء، وأسرة مشفى، أو ضمان اجتماعي؟ هل نحن بشر خارج الأرض؟ إننا اليوم مكشوفي الرأس، من كل الجهات والجبهات، وتلك القوى المتحاورة متفقون على تمديد الأزمات المتلاحقة والخانقة والمميتة التي تحاصر كل واحد من أفراد هذا البلد. حمى الله هذا البلد وحمى مقاومته ضد العدوان على العباد.