ردّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بهجومٍ صاروخي مع المسيّرات الحربية على إسرائيل، انتقاماً لما تعرضت له القنصلية الإيرانية في دمشق، وأسفر هذا العدوان عن استشهاد بعض قيادات فيلق القدس الإيراني، وجاء الرد العسكري الإيراني باهتاً كما كان متوقعاً، وكما تداولت معظم وكالات الأنباء والأخبار، فإنّ معظم الصواريخ البالستية والمسيّرات قد دُمّرت قبل دخولها الأراضي الإسرائيلية، وهكذا أمكن الحكم بفشل الهجوم، وما يستتبع ذلك من خيباتٍ وإحباط، فالهجوم لم يترك أثراً يُذكر على مجريات الحرب الدائرة في قطاع غزة، بين إيران ومحورها (المقاومة والممانعة) وبين إسرائيل وحلفائها في العدوان المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر، وفي حين كان المُؤمّل أن يكون الرد العسكري الإيراني قاسياً ومُزلزلاً، حسب تعبير بعض المُتحمسين، جاء الرّدُ مُحبطاً ومُربكاً لتيار المقاومة والممانعة الذي تتزعمه إيران، هذا التيار الذي حاول جاهداً منذ اندلاع معارك طوفان الأقصى، في مساندة المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية بهجماتٍ محدودة من لبنان واليمن والعراق، وهذا الفشل الواضح قد يدفع بإسرائيل إلى التشدُّد في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والسجناء من كلا الطرفين، والمُضيّ قُدُماً في استباحة الدم الفلسطيني على أرض غزة والضفة الغربية.
ولعلّ ما هو أخطر من هذا وذاك، أن تكون الجمهورية الإسلامية في إيران قد أظهرت للعيان صورتها الحقيقية المُموّهة، ذلك أنّ حرص إيران أن يكون ردها العسكري مُنظبطاً إلى أبعد الحدود، إنّما يكمن دائماً بدافع الحرص على سلامة برنامجها النووي مع أميركا، والحفاظ على سلامة أراضيها ومواطنيها، في حين تتعرض سيادة ومصالح دول المقاومة والممانعة للمخاطر المتفاقمة والإستباحة المُفرطة، ومع ذلك لا ينفكّ مؤيدو   تيار المقاومة والممانعة في كيل المدائح وتعداد الإنتصارات الوهمية لهذا التيار، غافلين عمّا يتكبده المواطنون الصابرون من الخسائر المجانية والصافية بلا نفعٍ أو جدوى.
لذا لا نستبعد أن نسمع في الأيام القادمة أبواق المقاومة والممانعة، وهي تتوجه لقيادة الحرس الثوري الإيراني بالقول: أحسنتم والله، أحسنتم صنيعاً، ومثلهم في ذلك مثل ذلك الأعرابي الذي مدح نفسه، وعندما لاموه على ذلك قال: فإلى من أكِلُها إذن؟ وكان الشاعر كعب بن زهير، اذا قال شعراً، قال لنفسه: أحسنتَ والله، فقيل له: أتحلفُ على شِعرك؟ فيقول: لأنّي أعرَفُ به.