عِمَّة متوَّجة على عرش اللون.. سمعتُ عنه، وسمعتُه ولم أعرفه، شاهدتُه على أكثر من قناة محلية وعربية، ما بين عامي 2000م / 2003م. قرأتُه.. كما قرأتُ الأدب والشعر والنثر، والموعظة الحسنة باكراً، في لحظة استيداعٍ لجن اللحن من القول. تشافيتُ معه أملاً وحكمة، وتسابقتُ مع اللغة الساحرة التي فتنتني في أسلوبه ودراسته المطروحة حول القضايا الوطنية التي تخرج عن الأطر المذهبية، وعن الفكر الذي وسع عن حوار الأديان والثقافات، وعن تقريبه بين المذاهب، وعن علمه النافع، ويراعه البارع الذي أغنى بكتبه وكتاباته العقول والقلوب، ولعل ذلك من أهم ما يملكه "الشيخ الجليل" من الطرق والسُبُل الواضحة التي يصل منها الإنسان إلى العظمة المطلقة التي تتخطَّى حدود الأمصار والأزمان، لأنها كالشمس التي تتخطَّى الحدود جميعاً. ربما تاهت عني شذرات ضوء ـ اقتربت الساعة ـ فكان اللقاء، وبان القمر، والقلم، والبيان، واللسان العذب، وكانت المسافة قائمة ـ فكان قاب قوسين ـ المسافة لطيفة، وكان الموج ـ أقرب إلينا من حبل الوريد ـ ليستعيد لنا لغةً نقديةً نحو أدبٍ مفتوحٍ على الجهات والشموس والألوان التي تقرِّب إلى الله والإنسان، الذي هو وحده الذي يحمي الإنسان من جدار نفسه. إنه... الشيخٌ المتواضع، والمثقف الكبير، والعالم الجليل، واليراع الغزير، تخامره سورة "المعارج" فكانت مجلته ـ المعارج ـ رائدة في عمقها ومواضيعها وأطرها وطروحاتها الهادفة لفتح نقاشاتٍ على مخاضاتٍ لولاداتٍ جديدة تدفع إلى إزالة حواجز الحُرُم المكثَّفة على تخوم الجماعة. إنه الوعي الذي أسرى به بسورة "الإسراء" وسورة "الرحمن" ليوقظ كل النائمين في جحيم جناتهم، ويشد إليه لُباب أهل العقل.. إنها العِمَّة المُتوَّجة على عرش اللون، الداعية إلى واقع العقل المُحرَّر من كل استلاب، تأكيداً على ما جاء في الألواح والفرقان في ما نقله القرآن الكريم لتحرير العقل من التقاليد والأوهام ـ كم من عقلٍ أسيرٍ تحت هوى أمير ـ. إنه الشيخ الممتلئ، علماً، فكراً، أدباً، أخلاقاً، ومنظومةً نحو تحرير العقل الذي هو تحرير للإنسان في الإدارات والمؤسسات، وتعزيز لمناخات الخروج من الأقبية والكهوف القديمة إلى فضاءات جديدة قد تودي إلى استبدال الكثير من الكوابيس الموروثة التي عاشها العربي منذ قديم الزمان إلى أحلام ممكنة في ظل دولة القانون والإنسان.