هذه الصورة النمطية أخذت مأخذها ـ وربما تكون نمطية وثنية ـ تعتبر أنه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية مع التسليم بصحة هذا الحديث، أنه هو الفقيه أو المرجع أو ولي الفقيه، فهذا مخالف للعقيدة الشيعية بإجماع علمائها.
 
من الأمور العقدية عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية هي عصمة الأنبياء (ع) والأئمة الإثني عشر بدءاً من علي أمير المؤمنين (ع) وإنتهاءاً بالمهدي المنتظر (ع)، وما عدا ذلك فهم بشرٌ مهما علا شأنهم ومرجعيتهم وعلمهم وتقواهم فليسوا بمعصومين، وبالتالي هم معرَّضون للخطأ والصواب، ويبقى لهم الإحترام والتقدير بما يمثلون من علمٍ واجتهادٍ وورعٍ وتقوى.. فالمرجعية عند الشيعة ليست معصومة فهي معرَّضة للتساؤل والنقد والإعتراض، وهذه من الأمور التي درسناها في مدارس الأئمة (ع) وفي مدرسة الصادق (ع) ومن جده أمير المؤمنين (ع) والذي مما جاء من كلامه: (فلا تكلموني كما تكلموا الجبابرة..... وقوله: فلا تكفوا عن مقالةٍ بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ.. فإن من استثقل الحق أن يقال له والعدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل..) فهذا الكلام من إمامٍ معصومٍ، فما بالك من حاكمٍ غير معصومٍ، فإن حق النقد والإعتراض بالأمور السياسية والمصيرية والإختلاف معه في الرأي يكون ثابتاً بطريقٍ أولى، فالمرجع لا يُطاع لشخصه، وحاكميته لا تمنحه العصمة وحق الطاعة الإلهية، وتتأكد في الأمور السياسية والإدارية.
 
 فإذاً فالحاكم لا يُطاع لذاته، بل لعدالته وتنفيذه للشرائع الإجتماعية الخيرة والأكثر صلاحاً، فإذا كان المرجع أو الفقيه أو ما يسمى بولي الفقيه غير معصوم فهو معرَّض للخطأ، وحكمه ظني وليس قطعياً، وما دام هكذا فمتى يمكن أن نرى له خطاً، فهذه الصورة النمطية للتفكير والسلوك، مع الأسف موجودة أو زُرعت في نفوس العامة من الناس، فلماذا لا يجرؤ أحد على أن يُشخِّص مرجعاً ما إذا أخطأ، مع أنَّ المرجع هو بشرٌ ومعرَّضٌ للجنون أو الأمراض النفسية الأخرى، أو التعلُّق بالمجد الشخصي أو حب الملكية والسلطة وحب الدنيا..؟
 
 
 فإذا أعتبرنا أنه ليس معرَّضاً لهذه الأمور التي ذكرناها، وأصرينا على الإتباع المطلق واعتقدنا به واصاب المرجع إحدى هذه العلل ولم يجرؤ أحد على تشخيصها أو ذكرها أو البوح بها، حينئذٍ ستُصاب الأمة والمجتمعات بضررٍ كبيرٍ والله تعالى وحده القادر على كشف ودفع ذلك الضرر.
 
هذه الصورة النمطية  أخذت مأخذها ـ وربما تكون نمطية وثنية ـ تعتبر أنه "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية" مع التسليم بصحة هذا الحديث، أنه هو الفقيه أو المرجع أو ولي الفقيه، فهذا مخالف للعقيدة الشيعية بإجماع علمائها، إذ أنهم يعتبرونها مختصة بالإمام المعصوم (ع) وآخرهم المهدي المنتظر (ع)، حتى بتنا أسارى هذه النمطية ونحتنا منها ما يلزم لعبادتنا اليومية، وأمنا بها كصراطٍ وسبيلٍ للوصول إلى داري الدنيا والآخرة، فأنت بلا فقيه أو مرجع أو ولي فقيه أو قائد أو رئيس تكون ناقص العقل والدين وأعمالك غير مقبولة، لأن الله تعالى أمرنا باتباع رسل الرسل ممن أكرمنا الله بهم وجعلهم أوصياء على الناس الذين يعكفون على عبادةٍ في تجارةٍ دينية وسياسية تنجيهم من عذابٍ أليم...فمن مات ولم يعرف فقيهه أو مرجعه أو ولي الفقيه أو مرشده والنور الذي يسعى بين يديه مات ميتةً جاهلية، حسبنا الله ونعم الوكيل.