هل تتفق أميركا مع إيران مقابل الإتفاق الروسي والتركي ؟
 

اتفقت روسيا وتركيا على وقف لإطلاق النار في سورية بحثاً عن حل مفقود أو تحصيلاً لإستراحة مطلوبة بعد أن أنهك الجميع وفي كلا الحالتين يبدو المشهد الميداني في سورية على ما هو عليه فلا تغير كبيرفي معدل الإنتصارات ولا الهزائم بقدر ما هو تثبيت لخارطة نفوذ جديدة تحتاجها الأطراف المتقاتلة لتعزيز شروطها في الحرب أو التسوية المستبعدة حتى الآن الاّ أنها المطلب الذي لايستطيع أحد التمنع عنه أو تجاوزه وعدم التجاوب معه لأنه الخيار الدائم والمتاح أمام السوريين وغيرهم طالما أن الحرب لن تتيح حلاً ولن تقدم رابحاً فالتوازنات دقيقة والحسابات القائمة مُقيّدة بضرورات لا تبيح المحظورات .

إقرأ أيضا : هذه عناوين خريطة الطريق الروسية-التركية للسلام في سوريا


لقد  ألغت الدولتين حقوق الآخرين في سورية وتصرفتا وكأن أحداً غير موجود فلا مجال للإيرانيين ولا مكان للسعوديين والقطريين ولا إهتمام لمواقف أميركا وأوروبا ولا حساب للأمم المتحدة ومندوبها ولا لقرارات مجلس الأمن كأن الميدان السوري مفتوح فقط لبوتين وأردوغان ودونهما لا  لاعب متأخر أو متقدم وهما من يسددان في الشباك السوري الأهداف التي يرونها مناسبة .
من قصة الانتصار الروسي في حلب الى مقتل السفير الروسي في أنقرة وما تلا ذلك من تصريحات ولقاءات عكست تعاوناً روسياً تُركياً أفضى الى التزام النظام ومن معه بوقف الأعمال الحربية كما التزمت المعارضة بوقف النار و أشارت بشكل واضح الى ولادة تفاهم على سورية من شأنه أن يغطي مساحة من التسوية الممكنة بعد أن استعصت الحلول على المتبرعين بإصلاح ذات البين بين السوريين .
طبعاً لا مجال للإنتقاص من دور الدولتين في الحرب السورية ولكن لا يمكن تصديق أن مفتاح الحل في سورية هو روسي – تُركي ولا يمكن إختزال الحدث السوري بصورة واحدة  لدولتين محكومتين بقيود كثيرة لا يمكن كسرها وعدم الإذعان لضغوطها المتعددة العناوين و الأطراف .

إقرأ أيضا : الاتفاق الروسي التركي حول الحرب السورية..دروس وعبر


تحاول كلا الدولتين إغاظة الولايات المتحدة الأمريكية إن من خلال تحسين شروط العلاقات الروسية – التركية أو من خلال التفاهم الجزئي على محاصصة النفوذ داخل سورية وتوزيع الأدوار بينهما كمقدمة لتقاسم المستقبل السياسي في سورية إذا ما جرت الأمور وفق نتائج إختبار وقف إطلاق النار وتكريس مسؤولية الدولتين عن النظام والمعارضة و إدخال ذلك في سياق الدعوة الى مؤتمر سوري لإنضاج حلّ مؤقت يلغي من قواعد الحرب التي استنزفت قدرات الجميع وما عاد بإستطاعة الدول المشتركة في الحرب دفع أكلاف جديدة لحروب التماس السورية .
هذا الشعور الروسي – التركي وليد حاجة داخلية وخارجية للإلتقاط الأنفاس وإن كان يجمح جموحاً خائباً لأنه يغالي في القدرة على تكريس واقع محكوم بالتفاهم بينهما إلاّ أنه مغال في قدرته على حلّ المشكلة لأن الأطراف المؤثرة والفاعلة في الحرب السورية تملك الرصيد الكافي لتغير الهوى التركي – الروسي وتبديد حساباتهما خاصة وأن محاولة الروس والأتراك مكشوفة بالنسسبة لإيران الدولة المعنية بتفاصيل الحرب السورية من خلال انتزاع المصير السوري عن مصير الصراع القائم في المنطقة وتوظيفها لصالح مصالح روسية وتركية كما أن الولايات المتحدة الأمريكية المعنية بما يحيك الروس و الأتراك من أثواب تسوية غير ملتزمة بالقياسات الأمريكية ستدفع نحو تسعير أدوار الحرب بالطرق التي تحرق من خلالها أيادي الروس و الأتراك معاً .
اذاً نحن أمام محاولة روسية – تركية يائسة من الحرب وعاجزة عن ايجاد الحلّ في ظل حسابات سياسية أخرى لدول تتمتع بالامكانيات الكافية لردّ مايراه  الروس و الأتراك صالحاً لهما في سورية .فهل نشهد تفاهماً أمريكياً إيرانياً مقابل التفاهم الروسي – التركي ؟

سؤال ايراني يدق باب ترامب .