يشهد لبنان منذ أسابيع قليلة ارتفاعاً ملحوطاً في حالات الانتحار وقد سجلت 6 حالات انتحار خلال الشهر الحالي.

 

وبالمناسبة قالت الأخصائية ميا عطوي العضو المؤسس في جمعية empress للصحة النفسية أنها كانت قد سبقت أن تخوفت من قدوم العام 2021 لأنه سيترك آثاراً نفسيةً سيئةً عند المواطنين اللبنانيين نتيجة ما شهدته البلاد من كوارث اقتصادية واجتماعية ومعيشية وما ولدته تلك الكوارث من ضغوط عصبية على نفوسهم. وتشير مديرة العلاقات العامة والتواصل في الجمعية عينها هبة دندشلي أن تكاثر حالات الانتحار يعود إلى اكتواء المواطن اللبناني بنيران الضغط النفسي الشديد والقلق الشديد خصوصاً في السنوات المنصرمة العجاف الزاخرة بكل عوارض الفقر والجوع الجانبية الخبيثة والجائرة، وجراء الحصر المنزلي المتواصل والضيق النفسي الشديد الناجمين عن استمرار جائحة الكورونا والتي في الأساس واكبت مرحلة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي المستمرة بوحشية هائلة لم يعهدها لبنان في تاريخيه الحديث والقديم. 

 

وتشير الأرقام المسجلة لدى جمعية empress إلى أن فئة الشباب ما بين 18 إلى 25 سنة هي الاكثر عرضة للاضطرابات النفسية الشديدة التي تجعل بعضهم يقدم على الانتحار رغم أن الحكمة تقول بأن المنتحر جبان لأنه هرب من الحياة التي يستحقها. 

 

هذا وقد أظهرت دراسة في لبنان أعدها فريق من الاطباء النفسيين، ان شخصاً ينهي حياته كل يومين ونصف في ظل مرور اللبنانيين بأوضاع سياسية واقتصادية ومالية بائسة وتعيسة. 

 

واستندت الدراسة التي أعدها سبعة أطباء نفسيين في لبنان ونشرت في أواخر آذار 2021 وبالتحديد في المجلة الأسيوية للطب النفسي إلى أنه على مدى 11 عاما وحتى عام 2018 تم ابلاغ قوى الامن عن 1366 حالة انتحار بنسبة 2.4 حالة لكل 100 الف نسمة في البلاد لكن الوضع ازداد سوءاً في العامين 2020 و2021. 

 

وكان الطبيب النفسي الدكتور جوزيف الخوري قد أكد في شهر آذار 2021 أن الفوضى العارمة في لبنان والمنبثقة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية قد أفضت إلى تكاثر نسبة الامراض العقلية. 

 

يعيش اللبناني أسوأ حياة في العالم، هذا وصف مؤشر غالوب العالمي للواقع المرير المروع في لبنان بتاريخ 15 آذار 2021، وقد لفت بأن 4% فقط من اللبنانيين أقروا واعترفوا بأنهم يعيشون حياتهم على الأراضي اللبنانية بشكل ايجابي. 

 

ويؤكد الموقع أن العام 2020 كان كارثيّاً لكن الامور باتت أكثر كارثية في العام 2021، وليس غريباً والكلام للمؤشر غالوب أنه مع كل هذه الضعوطات الاقتصادية والمادية على المواطن، أن تكون عقاقير الأعصاب والمهدئات من أولى الأدوية التي انقطعت من الأسواق اللبنانية عقب الحديث عن امكانية رفع الدعم. 

 

يوضح نقيب الصيادلة غسان الأمين أن نسبة استهلاك أدوية الأعصاب في لبنان ارتفع من العام 2015 إلى العام الحالي بنسبة 20%.

 


ومن ناحية أخرى أسفرت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية المعيشية التي يمر بها لبنان منذ أعوام والتي شرعت في التفاقم بين عامي 2019 و2021 إلى نشوء مشكلات اجتماعية جمة لم يكن المجتمع اللبناني قد شهد مثيلاً لها في الاعوام المنصرمة، أبرزها تراجع نسب الزواج مقابل ارتفاع في نسب الطلاق. 

 

وتبين الأرقام الرسمية أن عقود الطلاق في لبنان أظهرت ارتفاعاً في سنة 2020 مقارنة بعام 2019 بنسبة 25%.

 

ويوضح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن للأزمة الاقتصادية المعيشية تأثيراً مباشراً وكبيراً في تراجع عقود الزواج وارتفاع عقود الطلاق. 

ويتخوف شمس الدين من حصول ارتفاع أكبر في نسب الطلاق، ويضيف أن توقف دعم القروض السكنية من مصرف لبنان كان له أثره العميق على نسب الزواج وفق شمس الدين حيث باتت هناك صعوبات كبيرة في توفير مسكن للانسان اللبناني.