خليق بنا ونحن نعيش اليوم ذكرى  أربعينية الإمام الحسين(ع) ونخوض معركة المصير ضدّ أعداء الله والإنسان، أن يهاجر كل منّا إلى نفسه ويسألها: ماذا قدّمت لخوض هذه المعركة؟ وبماذا ضحّت في سبيلها ؟  وإلى أي حد تجذر لدينا الإتصال بالحسين الشهيد والشاهد .؟

فلقد آن للمسلمين أن يتّصلوا بالحسين(ع) اتصالاً عقائديّاً لا اتّصالاً عاطفيّاً  فحسب، وذلك بأن يستعيدوا إلى أذهانهم ذكرى عاشوراء ليأخذوا من معطياتها الدروس والعِبَر وأن يأخذوا من أربعينية الحسين (ع) روحاً حسينيّة تقودهم في مواجهة التحديات وسائر ساحات معركة الشرف والإباء.

كما آن للمسلمين أن يدرسوا علاقاتهم مع الغرب، ليجدوا أنها صفحات مليئة بالإجحاف، ومملوءة بالحيف، مشبعة بالشجون .. إذ كانت وما زالت وستبقى ـ كما هي ـ علاقة استعلاء ودمار، وسخرية وإذلال واحتقار.

فالمسلمون دائماً مدعوون للإنسحاق تحت أقدام الأجانب، والمشكلة انهم استجابوا من خلال ملوكهم وإمرائهم وحكوماتهم ، لذلك فهم اليوم مدعوون للإنعتاق … للنهوض واليقظة.لضرورة الإنتقال من واقع الإرهاب الفكري الذي فرضته عليهم العقلية الغربية ومفاهيم الإستشراق الى العقلية المتحررة التي تفكر من خلال محيطها وواقعها وروح فطرتها السليمة بعيدأ عن كل التأثيرات المسبقة ،وهم مدعوون أيضاً للهجرة من روح النفاق في القيادة الى روحية القيادة التي أرادها الإسلام ، الى روح الصفاء القيادي الذي تمثله شخصية الحسين في إلتآم الشعار بالهدف ، وفي حس الإرتباط بالله عز وجل .

ولقد حذّر الإمام الحسين (ع) تحذيراً شديداً متكرراً من مخاطر هذه الغفلة المتفشية ، علماً بأنه (ع) كان ضحية انسحاق الأمة في الماضي، حيث ضحّى ليوقظها، فصار بذلك أقدس قرابين نهضتها المستقبلية. وكان تحذير الإمام الشهيد من الانحدار نحو هاوية الذل والعبودية واضحاً. وإذا كان الغرب المستكبر لا يريد فهم لغة الرسول (ص) ولا فهم منطق الرسالة وأبجدية القرآن ،ولا يتمكن من تصور تاريخنا وثقافتنا ، فلماذا لا نريد نحن ـ كمسلمين ـ فهم ذلك  ؟!

فالأمة التي تفقد ثقافتها وتنقطع عن جذورها التاريخية سوف تفقد حتماً حاضرها ومستقبلها وكل خصائصها الحضارية .. فهل نعلن حالة الطوارىء لإعادة الإعتبار لقيم الرسالة ومقدساتها التي كانت ولا تزال إحدى الضمانات الأساسية لصوغ التاريخ ومجراه الصحيح ؟! ..