مسائل وردود / الشيخ عباس أحمد شحادي / 2013

 

ـ السؤال : انه لما وجبت وحدانية الله ترتب كم من الواجبات مما يمكن تسميها ايديولوجية ومحدودية الانسان والمخاطر في الطريق الى الله تقتضي الجد تارة و الكف تارة اخرى وهناك خطر حقيقي وهو الختم على القلوب كاقصى درجة للبعد ،اذن وجبت معرفة الامور التي تؤدي للختم واجتنابها وهنا حتى التوبة تصبح مستحيلة و العياذ بالله باختصار العلاقة بين التوبة كمجدد للطهر وختم القلب كطرد من عالم المعنويات .

موسى / الجزائر

ـ الجواب : كمدخل إلى ما سألتم عنه من جدل العلاقة بين التوحيد وتجلياته السلوكية وبين التوبة ومحددات الطرد من ساحة القرب والمعنويات لابد من التوقف عند هذه العناوين وربطها للخروج ببعض النتائج الصحيحة وذلك ضمن الملاحظات التالية :

الملاحظة الأولى : حول التوحيد ودلالاته وابعاده :

التوحيد الإلهي يعني في مدلوله الحقيقي ، تمام الخضوع لله سبحانه وحده، ونفي الخضوع والطاعة والتبعية لغيره، وترجمة هذه العقيدة التوحيدية ممارسةً دقيقة في مختلف مناحي الحياة ..

وإن عقيدة التوحيد تحدد لمهمتها هدفاً كريماً، هو إصلاح الإنسان وإصلاح المجتمع، وإصلاح الدولة التي أخذت على عاتقها إدارة المجتمع، فتخطط لتوجيه الجدل بما يصوغ العلاقات الإنسانية في أروع صيغة ينمو في أجوائها إنسان الخير والهدى الذي تغلب على شرور نفسه .

وفي هذا الإطار، نقف لبلورة مفهوم التوحيد الإلهي المحسوم قرآنياً وعقائدياً بمرحلتين اثنتين لا تكتمل الأولى منهما إلا بتمام الثانية، وهما:

المرحلة الأولى: مرحلة التوحيد النظري، والذي يعني عقد القلب على التوحيد الإلهي، والإيمان بوحدانيته تعالى، وسائر صفاته الجلالية والجمالية .

وهنا لا بد من تمييز مفهوم التوحيد الإلهي على المستوى النظري، والإحاطة بمعناه حتى لا يقع الموحِّد في إشكاليات التوحيد في مفهومه الخاطئ، وذلك أن هناك مفهومين للمبدأ الواحد:

أحدهما: محرّف ومشوّه .

والآخر: صائب وسليم من الرتوش الدخيلة .

أما المفهوم المحرَّف للتوحيد، فهو الذي يعتبر الإله الواحد موجوداً منعزلاً عن الكون والمجتمع، انقضت مهمته في عالم الوجود بعد خلقه للكون والإنسان، وليس على الإنسان إلا أن يقدّره ويقدسه على إحسانه الأول وفيضه الأزلي في خلق الأشياء من العدم، فالإله على ضوء هذا المفهوم الخاطئ هو وجود تاريخي منفصل تماماً عن واقع الحياة الإنسانية الحاضرة، ليس له بها أي دخل أو مساس، وإنما على المخلوق أن يقدسه فحسب . وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض مراحل هذا المفهوم المحرَّف في قوله تعالى:

[ وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان يُنفق كيف يشاء ] .

وأما المفهوم السليم للمبدأ الواحد، فهو الذي يعتبر الإله الواحد مهيمناً على الوجود كلّه ومفيضاً سيبَه على مخلوقات العوالم العُلوية والسُفلية كلها في آن، كما يرى أن الوجود كله بمراتبه المتفاوتة قائمٌ بذاته تعالى ومن إشراقات وجوده الواجب . فهو الله سبحانه المستمكن بولايته الكلية المطلقة والشاملة العامة على عرش الوجود وعالم التكوين [ هناك الولاية لله الحق هو خيرٌ ثواباً وخيرٌ عقْباً ] . وهو عزّ اسمه القائم بالقسط على نظام العدل والإنصاف في جميع مراحل التكوين ونزول نور الوجود إلى العالم الأرضي [ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط ]

ويلاحظ في القرآن الكريم إعتمام بالغ في إظهار العناية بهذا المفهوم الصائب لقضية التوحيد وتوضيحها وإزاحة الشبهات وإزالة الغموض عنها، ومن ذلك قوله تعالى:

[ الله يعلم ما تحمِلُ كل أنثى وما تغِيضُ الأرحام وما تزداد وكلُ شيءٍ عنده بمقدار عالِمُ الغيب والشهادة الكبير المتعال ].

[ له معقِّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مردَّ له وما لهم من دونه من وال ] .

[ قل من رب السموات والأرض، قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور، أم جعلوا لله شركاء خَلَقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم، قل الله خالقُ كلِ شيء وهو الواحد القهار ].

[ أتى أمرُ الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون يُنزّل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون ].

[ والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يُخلَقون أمواتٌ غير أحياءٍ وما يشعرون أيّان يُبعَثون إلهكم إلهٌ واحدٌ فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكِرَةٌ وهم مستكبرون ] .

[ وله ما في السموات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسّكم الضر فإليه تجأرون ]

[ الله الذي رفع السموات بغير عمدٍ تَرَونها ثم استوى على العرش وسخّر الشمسَ والقمرَ كلٌ يجري لأجلٍ مسمى يُدبّرُ الأمر يُفصَِلُ الآياتِ لعلكم بلقاءِ ربكم توقنون ].

[ وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه بل له ما في السموات والأرض كلٌ له قانتون ]

[ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، قل فمن يملِكُ من الله شيئاً إن أراد أن يُهلِك المسيحَ بن مريم وأمّه ومن في الأرض جميعاً، ولله مُلك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير ].

[ هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت، ورُدوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون، قل من يرزقكم من السماء والأرض أمّن يملك السمع والأبصار ومن يُخرج الحيَ من الميت ويُخرج الميتَ من الحي ومن يدبّر الأمرَ، فسيقولون الله فقل أفلا تتقون، فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنّى تُصرفون ].

[ تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيءٍ فقدّره تقديرا ].

[ وما قَدَرُوا اللهَ حق قَدْرِهِ والأرضُ جميعاً قبضتُه يومَ القيامة والسمواتُ مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يُشرِكون ].

إلى غير ذلك من عشرات الآيات المباركة الواردة في دقائق مفهوم التوحيد النظري ودلالاته ..

المرحلة الثانية: مرحلة التوحيد العملي، والتي تعني أن يكون الإنسان في عمله كله خاضعاً لله وحده، وهذا المستوى في الحقيقة ناتج طبيعي ومنطقي عن مستوى التوحيد النظري، بمعنى أن صدق التوحيد النظري وإشراقاته السلوكية إنما تتجلى من خلال التوحيد العملي، ذلك لأن الإعتقاد بكون الأشياء كلها خاضعة لله وتابعة لأمره ومشيئته وتدبيره، يقتضي خضوع الإنسان لله في عمله وتصرفاته وتبعيته له تعالى في حياته

ومعنى ذلك، أن التوحيد العملي في واقعه هو توحيد الطاعة لله سبحانه، وتتمثل حقيقة العمل بالتوحيد في التزام خط الطاعة الإلهية في جميع شؤون العبد، سواء كانت فردية أم جَماعية أم روحية أم اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية .

ففي مجال التوحيد النظري لا بد للموحّد أن لا يرى مؤثراً في الوجود على نحو الاستقلال غير الله تعالى، وأن يعتقد أن الأمر كله بيد الله، وأن إليه تصير الأمور، وأن له الخلق والأمر، وأن له من في السموات والأرض، وما فيهما، وأن له المُلك وأنه يفعل ما يشاء، ولا يفعل ما يشاء غيره ..

وإذا كانت شؤون الخلق والتكوين كلها بيد الله تعالى كما هو مقتضى التوحيد النظري، فلا بد للعبد بعد أن آمن بخالقه ووحده أن يوجّه إرادته وفق الوجهة التي يريدها الله سبحانه، وأن يحرّك اختياره على أساس انسجام أفعاله الإرادية والإختيارية مع إرادة الله وأمره ونهيه، وأن يجعل إرادة الله فوق إرادته، وأمره ونهيه فوق هواه ورغبته .

وثمة طوائف من الآيات المباركة في القرآن الكريم ترسم لنا طريقة التوحيد العملي التي يعبّر عنها القرآن الكريم بملة إبراهيم (ع) ويصف الموحدين العمليين بالمسلمين، ويجعل الإسلام مرادفاً لتوحيد الطاعة والخضوع التام لله سبحانه، ومن ذلك قوله تعالى:

[ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج،مِلَة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسولُ شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ].

[ قل إنني هداني ربي إلى صراطٍ مستقيم ديناً قيّماً مِلَّةَ إبراهيمَ حنيفاً وما كان من المشركين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين، قل أغيرَ الله أبغي رباً وهو رب كل شيء ].

[ وربك يخلُقُ ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخَيَرَةُ، سبحان الله وتعالى عما يُشرِكون، وربك يعلم ما تُكنُّ صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى وله الحكم وإليه تُرجَعون ].

[ قل إني نُهيتُ أن أعبد الذين تدعون من دون الله كما جاءني البينات من ربي وأُمِرتُ أن أُسلم لرب العالمين ].

إن هذا المعنى لإسلام الوجه والطاعة الشاملة لله سبحانه هو الذي يحتّم على العبد أن أن يكون في وجهته وطريقته التي يسلكها في الحياة وفي كل ما تتوجه إليه إرادته، خاضعاً لله سبحانه مطيعاً لتكاليفه، ممتثلاً لإرادته، معرضاً عمن سواه

وإن هذا المستوى من الإسلام لله وتوحيده العملي إنما يتحقق بالخضوع لحكمه الجاري على أيدي عباده الصالحين، بل لن يكون إسلام إلا بهذه التبعية للقادة الإلهيين من الأنبياء والأوصياء والصالحين .

وعندما تحكم هذه النظرة التوحيدية بملك الله سبحانه وهيمنته على الكون كله، فهي تأبى أيَ استثناءٍ يُفرض فليس الإنسان ولا حياته الفردية والاجتماعية محل استثناء في هذه النظرة الشاملة، بل لا يمكن أن يكون الإنسان نشازاً في هذه المجموعة الكونية الخاضعة لله تبارك وتعالى .

وإذا كان مصدر القرار والحاكمية في الكون واحداً وهو الله سبحانه، وإذا كان الإنسان ضمن هذه المجموعة الكونية الخاضعة لولاية الله وسلطانه، فليست الولاية في حياة الإنسان إلا لله وحده ...

ومن هنا يصبح مقتضى التوحيد العملي، توحيد الولاية والطاعة لله سبحانه وتعالى، ونتيجة ذلك أن قبول ولاية غير الله والتسليم والخضوع لغير الله سبحانه يمثّل خروجاً عن طريقة التوحيد .

وعبر الرؤية العقائدية، نلاحظ أن الإسلام ينظر إلى الإنسان بوصفه سيداً على هذه الأرض، يتمتع بالأصالة بكامل مقومات الإستقلال، ويرفض الإسلام كل أشكال التبعية المزيفة التي تُفرَض بحكم موازين الأرض على الإنسان .

ثمّ إن قانون الوجود الإلهي يمنح الإنسان أسباب البقاء، التي صار الإنسان بموجبها تابعاً تكويناً للسلطة الإلهية [ الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ](1) . وانسجاماً مع قانون التكوين يدرك العقل الإنساني لزوم الإتباع والعمل بالتوجيه الإلهي، إذ العقل الذي يدرك إرتباطه وحاجته المستمرة للذات المطلقة الغنية المحيطة بطبيعة التكوين الإنساني وملابساته الطبيعية المختلفة، هذا العقل نفسه يدرك أن المصلحة الحقيقية هي في اتباع التخطيط الإلهي الذي ترسمه شرائع الرحمن لسد نقص الإنسان المحدود، الذي لا يقدر على تقديم الصورة الصالحة لنظام الحياة، [ إنْ الحكمُ إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ].

كما يدرك أن حق التخطيط والتوجيه بالأصالة بيد هذه القدرة دون سواها .

ومن هنا يتبلور المفهوم الإسلامي السائد، وهو أن حق التشريع والسلطة عليه محصور بيد الله سبحانه وتعالى، ولا طاعة ولا اتباع لسواه، والذي يظهر لنا هنا هو جانب الإسلام التحرري والصيحة القرآنية الملبية لحاجة الإنسانية المعاصرة لكي تنجو من أشكال الوثنية السائدة في عالم اليوم، فالإسلام يوصل وجهته التشريعية بنظرته التكوينية، إذ السلطنة في عالم التكوين لله وحده والولاية في عالم التشريع لله فحسب ...

ولكن كيف يأخذ التوحيد العملي أو الطاعة والولاية المطلقة الإلهية، المجرى الطبيعي في حياة الإنسان؟ .

وكيف ينطبق الإسلام الحقيقي على حياة الإنسان وتُصاغ شؤون هذه الحياة ومجالاتها على ضوء هداه؟ .

ليس هناك إلا طريق واحد، وهو أن ينصِّب الله سبحانه وتعالى في عباده رمزاً يأمرهم بطاعته واتباعه، ويفرض عليهم ولايته لتكون طاعتهم له طاعةً لله، والخضوع لولايته خضوعاً لولاية الله وذلك هو النبي (ص)أو الإمام المعصوم (ع) أو الحاكم العادل النائب عنه .

وإن أي طريق آخر غير هذا الطريق، حتى الطرق التي تتبنى آراء الناس أساساً لانبثاق المحور الذي يُسلّم له الناس بالطاعة والانقياد، ويخوّلونه أمر التصرّف في حياتهم وشؤونهم، فضلاً عن الطرق والأساليب المعتمدة على أساس القهر والغلبة والقوة والسيطرة والخداع والتضليل والتمويه، وسرقة آراء الناس واغتصاب إرادتهم .ونحو ذلك مما يُعمل على تجميل صورته في راهننا المعاصر، حتى هذه الطرق تتنافى والنظرة التوحيدية للكون والإنسان، وتتناقض تماماً مع أساس التوحيد الإلهي الذي يطلب من الإنسان أن يكون خاضعاً في حياته وإرادته لله سبحانه، ومسلّماً أمره إليه ومنقاداً لولايته وحكمه .

إن مالكية الله سبحانه كأصل وجوده، فهي واقعية مسلّمة وغير قابلة للتغيير، قد وُضعت في فطرة كل إنسان وطينته، ووظيفة كل إنسان يطلب الحق ويسعى إليه، هو أن يرفع موانع شهود هذه الحقيقة عن عين بصيرته، وأن ينظر في مكنون فطرته .

وهذه اللفتة تجري أيضاً في أصل التوحيد، وتحليل معنى الكلمة الطيبة، ((لا إله إلا الله)) فإنها تنحل إلى قضيتين مستقلتين، إحداهما: نفي الطاغوت، والثانية: إثبات الحق .

إذن ... فهناك طريقان أمام الإنسان، ليس لهما ثالث وهما:

الإيمان بالله تعالى وحده، أو الإيمان بالطاغوت . وكل ما سوى الله سبحانه أو من لا يتصل بالله تعالى عندما يحتل الموقع الإلهي للولاية فهو طاغوت إلا من كانت طاعته منبثقة من طاعة الله، وكان الانقياد له انقياداً لله سبحانه، وذلك هو الذي ينصبه الله تعالى على الناس إماماً وقائداً ليسلك بهم طريق الطاعة الإلهية [ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميعٌ عليم ] .

وانطلاقاً من هذا الأساس التوحيدي المفصلي يتضح أن كل طاعة وانقياد من جانب العبد في حياته لم ينتهِ إلى طاعة الله والانقياد إليه تكون من طاعة الطاغوت وولايته، كما أن كل مطاع لا تنتهي طاعته إلى طاعة الله، فإنه طاغوت، بمعنى أن إطاعة أي إنسان حتى الوالدين أو الصديق أو القادة والزعماء والرؤساء السياسيين والحزبيين إنما تجوز أو تجب بإذنٍ من الله تعالى، ووفق الضوابط والمحددات الشرعية لذلك، وإلا فإنه من عبادة الطاغوت .

وقد وردت بذلك روايات كثيرة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام :

منها: ما رواه القمّي بسند صحيح عن الإمام أبي عبد الله (ع) في قول الله عزّ وجل [ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ] .قال (ع): ((شرك طاعة وليس شرك عبادة)) .

ومنها: ما رواه الصدوق بإسناده عن الصادق (ع) أنه قال: ((إياك والرياسة فما طلبها أحد إلا هلك ـ إلى أن قال ـ إنما ذلك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال وتدعو الناس إلى قوله)).

((إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فوالله ما خفقت النعال خلف الرجل إلا هلك وأهلك)).

وسبب ذلك: أن المسعور بحب الرئاسة عادة ما ينتهي إلى طاغية متجبر، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته، وهو بالتالي مستعد لتحريف أحكام الشريعة وتجاوز حدودها . وبعد هذا، فهل نعي أساس التوحيد وإشراقاته المترجمة في سلوك الإنسان، وارتباطه الحميم بأساس نظام الولاية في الحياة وإشكالية مأزق الخضوع للأولياء الكاذبين، والعمل ضمن الخطوط والتيارات التي لا تنتهي في مواصفاتها الموضوعية إلى خط الله سبحانه وتوحيده؟ .. وليس علينا هاهنا إلا أن نصغي بتدبر ووعي إلى قوله تعالى:

[ وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ] .

[ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم ].

[ قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم، قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار ]

الملاحظة الثانية : حول توحيد الولاية ومفهوم القرب من الله :

ليس من شك في أن لتوحيد الولاية وإشراقاته صلة وثيقة بمفهوم القرب من الله سبحانه ، حيث يتحدّد هذا القرب بحدود الولاية وطبيعة رموزها واستحضار ملامحها والارتباط بنماذجها التي سمّاها القرآن الكريم بأسمائها وأشار إليها بأوصافها في قوله تعالى:

[ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ] .

فإن الولاية التي هي القرب تعد في اللغة من المفاهيم الإضافية، بحيث لو وضع شيء جانب شيء، يقال له وليه أي اقترب منه ..

وبما أنه لو كان شيء قريباً من شيء آخر أو من شخص ما، فذلك الشيء أو الشخص سيقتربان من ذلك الشيء أيضاً، تصبح الولاية ـ كمثل الأخوة ـ إضافة متوافقة الأطراف، لأن طرفي هذه الإضافة متساويان، باختلاف الأبوة والبنوة ونظائرهما، حيث أن طرفيها مختلفان مع بعضهما ولذلك تُسمى الإضافة هنا متخالفة الأطراف .

وعلى هذا الأساس، فإذا صار الإنسان وليَّ الله فالله أيضاً وليّه، كما أنه إذا كان الله وليَّ شخص ـ أي كان قريباً منه ـ فهو أيضاً سيكون وليًّ الله، وهذا هو مقتضى الإضافة المتوافقة الطرفين .

ولهذا يقال لكل من طرفي الولاية ((ولي)) لامتلاك كل منهما حالة من القرب بالسنة للآخر لا يمتلكها غيره، وبناءً على هذا، فالله تعالى ولي عبده المؤمن لكون أموره تحت نظره، فهو يقوم بتدبير شؤونه ويهديه في صراطه المستقيم، ويأمره وينهاه بما ينبغي له أو لا ينبغي له، وينصره في الدنيا والآخرة، كما أن المؤمن الحقيقي أيضاً ولي لربه، لأنه قد أدخله تحت ولايته في أوامره ونواهيه، وجميع البركات المعنوية أيضاً من الهداية والتوفيق والتأييد والتسديد، وما يستتبعه من التكريم بواسطة رُقي المرتبة إلى الجنة ومقام رضوان الله، إنما هو في ظل ولاية إلهه وقبوله له .

هذا ولكنَّ الولاية المطروحة في القرآن الكريم لها قرب خاص من الممكن أن يكون حاصلاً من طرفٍ واحد ولا يكون حاصلاً من الطرف الآخر، بل يكون هناك بُعد من جهته . فالله عزّ وجلّ قريب من المؤمن والكافر بنفس المستوى، [ ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ]، فهو عزّ اسمه ليس بعيداً عن أحد [ وهو معكم أين ما كنتم ] .

ولكن من تلك الجهة، فالمؤمن وبسبب صلاحه وحسن اختياره وإتيانه بالعبادات الخالصة والأعمال المقرّبة، يكون قريباً من الله سبحانه، أما الكافر وبسبب شقاوته وسوء اختياره وترك الأعمال المقرِّبة، بل عدم تمشي التقرب مع كفره فهو بعيد عن الله تعالى:

[ والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ] .

إذن .. فحيث أن الولاية تنتج عن قرب، فيجب أن تُشرَع من جهة العبد نفسه، لأن هذا القرب من جهة الله سبحانه حاصل على كل تقدير إذ هو سبحانه [ بكل شيء محيط ]، ولا يُعقل أن يكون بعيداً عن شيء، فلو أراد الإنسان أن يُقيم هذه الإضافة، فيجب أن يقرّب نفسه من الله بواسطة الأعمال المقبولة، فإذا صار قريباً فقد اهتدى إلى طريق الولاية بمعنى النصرة والمحبة، وإذا لم يقترب فلن تكون النصرة والمحبة أيضاً من نصيبه فضلاً عن المقامات الأعلى للولاية.. .

بناءً على هذا، فلو كان هناك تفاوت في مستوى القرب من الله سبحانه، فهو من جهة البشر أنفسهم لا من جهة الله سبحانه، لأن الله تعالى قريب من الجميع لكن الجميع لا يملكون هذا القرب بالنسبة إلى الله، بل بعضهم قريب منه لأخذه بأسباب القرب، وبعضهم بعيد، رغم مقدورية أسباب القرب له .

وبقدر ما يتحقق القرب من الله، تمتد إشراقاته في واقع القرب من آمال الإنسان وآلامه فرداً كان أم أمة .

وأما بالنسبة إلينا اليوم، ونحن في زمنٍ لا يشكو إلا من جفاف الروح وقساوة القلب وقلّة القرب من الله سبحانه، فإننا نقيس صلاح أنفسنا وصدق توحيدنا العملي بخصوصية القرب من الله سبحانه والتماهي أكثر مع عالم المعنويات الذي لا يعني إلا وعينا التطبيقي لأحكام الإسلام ومفاهيم القرآن الكريم

الملاحظة الثالثة : حول التوبة في ظل التوحيد ومحددات الطرد من عالم القرب

وعلى ما تقدم فإننا نقطع بعد صحة الفكرة التي تقول إن التوبة مستحيلة ، فمهما أرتكب العبد من موجبات الطرد الإلهي مما سوى الشرك فإن الله سبحانه يقبل عودته وتوبته فمن بين الدعوات الإلهية الموجهة إلى الإنسان على الدوام ، هي دعوته المفتوحة إلى التوبة، فيقول سبحانه في القرآن الكريم:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8] .

ولا تزال هذه الدعوة تطالع العبد في كل آن، لتظل شاهدة على تقصيره وذنوبه، ولولا رحمة الله سبحانه وعنايته بالعبد لتحقق الطرد والإقصاء ، ولكنه عزّ إسمه قد فتح لعبده برحمته باباً يتدارك به تقصيره ويسلك منه إلى معراج السعادات، وهو باب التوبة والتوبة: هي ندم الإنسان على ما فرّط في جنب الله تعالى، وتركه للذنوب مستغفراً الله، مصمماً على عدم العود إلى الخطيئة . والتوبة النصوح: هي التوبة والإنابة الخالصة لوجه الله تعالى التي تنصح صاحبها بالإقلاع عن تقصيره والتنزه عن زلاته، فتطهّر النفس وتزكيها .

وإذا صح أن الذنوب تنقسم إلى قسمين: صغيرة وكبيرة، حتى اختلفوا في ضابط كل منهما وفي عدد الكبائر وما بينها وبين الصغائر من فروقات، فإن الذي لا يصح هو أن تُصنّف الجرأة على أحكام الله سبحانه وتكاليفه، وأن تُرتكب الصغيرة باطمئنان، وذلك أن الذنب صغيراً كان أم كبيراً إنما هو في الحقيقة خروج عن رسوم العبودية وتجرأ على ساحة الربوبية ، وهو ما ألمح إليه علي عليه السلام في قوله: «لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت».

فمن الطبيعي أن تتاح للعباد فرص التطهر والتحرر من كل ما علق في قلوبهم وعقولهم من خطايا وآثام، لأن الإثم والخطيئة كانت ولا تزال آفة في كل مذهب ودين .

وقد كشف القرآن الكريم عن هذه الآفة في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ * وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 11-12-13-14] .

{كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأنفال: 54] .

{أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [الدخان: 37] .

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41] .

هذا على صعيد الأمة والمجتمع ككل، وأما على مستوى الأفراد فقد نتج من تراكم الخطايا في حياة الإنسان سلسلة من الأمراض النفسية كان من أبرزها الوهم والقلق والوسواس والهستيريا والخوف المرضي

وقد أشار الإمام علي بن أبي طالب إلى هذه الحقيقة مؤكدا على أن الحياة السليمة لا تنال إلا بالطاعة والبعد عن المعصية .

وذلك في قوله (ع): «من أحب المكارم اجتنب المحارم ومن ترك الشهوات كان حراً» .

كما أشار الأمير(ع) في حديث آخر إلى أن علاج مشكلة الخطيئة والتحرّر من سلطانها لن يتم إلا بالابتعاد عن التفكير فيها والإقلاع عن خطراتها حتى لا يسقط الإنسان تحت تأثير إغرائها في لحظة ضعف فقال: «صيام القلب عن الفكر في الآثام أفضل من صيام البطن عن الطعام» .

وقد واجه الإسلام هذه المشكلة فوضع لها علاجا جذريا وذلك ببعث روح الأمل والتفاؤل برحمة الله وعفوه ففتح لهم باب التوبة وباب الاستغفار وبذلك أخرجهم من ظلمة اليأس إلى نور الأمل والرجاء وأتاح لهم اجمل الفرص الطيبة لتصحيح مواقفهم وتغيير واقعهم وتطهيره من كل الأدران، وبدأت آيات القرآن الكريم تدخل في قلوبهم لتغسلها وتمسح عنها كل عذابات القنوط: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] .

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] .

وتتابعت أحاديث النبي الأعظم(ص) وأهل بيته(ع) لتقتلع جذور اليأس من روح الله، «لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم»

«التائب من الذنب كمن لا ذنب له» .

«لكل داء دواء ودواء الذنوب الإستغفار» .

«طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي عن ذنب من خشية الله عزّ وجل لم يطلع إلى ذلك الذنب غيره» .

«إن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب، كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها» .

«إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة» .

ومن خلال هذه الأحاديث الشريفة نشعر بقيمة التوبة والاستغفار في حياتنا ذلك أنها تعتبر من أهم العمليات النفسية التي تنقلنا إلى عالم جديد ودنيا جديدة ملؤها الأمل والراحة والأمن والهدوء والاستقرار.

وبهذه المشاعر تولد فينا إرادة مؤمنة تشدنا إلى تغيير واقعنا الفاسد فنصمم على كتابة الحياة الجديدة البيضاء بقلوب طاهرة نظيفة قد ظهر مصباح الهدى فيها فلا تلتفت إلى أخطاء الماضي إلا من أجل الاستفادة والعبرة لكي لا تعود إليها مرة أخرى .

ونتيجة ما تقدم هي أن ضحايا سكر الغفلة والغرور لا يرون حقيقة أنفسهم ولو رأوها لعرفوها ومن عرف نفسه عرف ربه وهو الدليل إليه ، ومن المهم في رحاب العبادة وفضاءاتها لا سيما فيما أختاره الله سبحانه من خواص الأزمنة والأمكنة أن نحاول العبور إلى ملكوتها وحقائقها الـجدية فإنه إذا لم ننفذ إلى ملكوتها فإنّها لن تـعطي ثمارها العملية ونتائجها المطلوبة ولن يحدث التطابق بين التوحيد النظري والتوحيد العملي وأن العبد حتى عندما يسقط في مهاوي الذنب وأوحال الخطايا وموبقات الغفلة فإنه لا يطرد من عالم القرب والمعنويات إلا في حالة الشرك بالله

إذن عندما نتحدث عن الأخطاء الذاتية والذنوب الشخصية فإن فكرة إستحالة التوبة غير صحيحة أما عندما نتحدث عن طاغية وضع نفسه نداً للأله الواحد الأحد الجبار المتكبر فنحن نتحدث إن خرق فاضح لمدلولات التوحيد النظري والعملي وحينئذ تصبح التوبة من طرفه أمراً غير وارد في تفكيره ،والمقدمات التي يفترض أن تقوده إلى التوبة غير متحققه لديه فإن التوبة من طرفه ستكون مسبوقة بتوبة الله بمعنى توفيقه العبد للتوبة والإنابة .. ولكن السنة التاريخية تحكي أن جميع الطواغيت الذين ساقوا الآف الناس إلى الكفر قد إنطفأت شعلة الهدى في قلوبهم وسلبهم الله فيوضات نعمة التوفيق للتوبة والإنابة وذلك ببسوء فعلهم وخبث سريرتهم وجرأة مماراتهم لأنبياء الله وعدم الخضوع للحق فحقت عليهم كلمة ربك حقاً وعدلاً .. فنحن نتحدث عن قابيل قاتل هابيل وهو لم يتب ، وعن النمرود وهو لم يتب ، وعن فرعون الذي ردت عليه توبته بقوله تعالى " الآن وقد عصيت " وعن أبي جهل وهو لم يتب ، وعن يزيد وهو لم يتب وعن سائر الفراعنة الذين ربما قالوا بألسنتهم في الرمق الأخير إننا تبنا ، فحرمهم الله بفعلهم صدق الإنابة وقبول التوبة ، وعلى هذا نقول إن عمراً من الطغيان والكفر الخداع والمكر والمراوغة والكذب يتصرم على إبن آدم سيكرس لديه الإعجاب بالنفس وسيمـنعه حتما من رؤيـة الحـق وفـضاءات الحقـيقة كما ستمنعه من العودة إلى العبودية لله سبحانه والحمد لله رب العالمين .