نزل القران الكريم على قلب خاتم الانبياء محمد كتاب هداية  ومحبة بلا غلاف فاخترع المسلمون زخرفات غلافه المذهّب وضيعّوا  ما فيه .. ثم كتب المدونون سيرة النبي (ص) فلم تكن تشبه حياته وهو الذي عاش حياة مليئة بروائع السيرة ومكارم المواقف  فأمسى المسلمون يمتلكون تاريخا لا يليق بنبيهم وأخلاقه العظيمة وأصروا على تسمية ملا يصح بحق النبي صحيحا ثابتاً .

ولما ثارت زوبعة الإساءات ثارت حميتهم مستنكرين ومنددين وظل مجرد غضب في فنجان ردة الفعل الذي لم يخرج ثائرا على ما في بطون التراث مما أصطلح عليه بالإسرائيليات والأخبار الموضوعة .

فلم تكن الرسوم المسيئة ولا الفيلم المسيء للنبي (ص) سوى نقطة سوداء في بحر بعض المسلمين المسيئين للاسلام من شيوخ الوضع ومن شيوخ الفتن والتكفير والارهاب الوافدين علينا من جميع الملل والمذاهب . فلقد بحثنا عن مصادر الفتن الدينية في النصوص المدونة فوجدتها مجرد احاديث نسبت زورا وبهتانا الى سنة النبي الطاهرة

نعم لقد تلوثت سمعة الاسلام بالمظهر القاسي من جهل المسلمين بعقيدة التوحيد والرحمة فانقطع الاخاء الذي في اول الامة بالعدوات والبغضاء التي انسالت في اواخرها فتنا تجري من فوقهم ومن تحتهم وهم لا يشعرون

المسلمون الذين ساهموا بتشويه صورة رسول الله (ص) في تراثهم المدون .. والمسلمون الذين لم يترجموا رسالة نبيهم الى لغات العالم بطريقة تستجيب لاسئلة الغرب القلقة والمذعورة من الاسلام ونبيه الكريم، والمسلمون الذين أبقوا في مجاميعهم الحديثية كما هائلاً من مشوهات الصورة الجميلة لرسول الله (ص) حتى جاء من ينسج من خيوطها آيات شيطانية ورسوما كريكاتورية وأفلاما سينمائية .. هم من يحتاج اليوم إلى طلب المسامحة  والإعتذار من مقام رسول الله (ص) لأنهم غابوا عن تعاليمه وفردوس أخلاقه وفضاءات رسالته ..فقد تعامل رسول الله (ص) مع الجاهلية على ما هم عليه من القسوة والجفاء ، بأروع خلق وأنبل سلوك، لينقذهم من نيران ضلالتهم ،وقد أرسى رسول الله  بين الناس تعاملاً أخلاقياً رفيعاً قل نظيره، بالرغم من سيل الاتهامات التي نالها ..

لـقد بعـث الله سبحانه نبـيه محمداً (ص) ليفتح عـقول النـاس قبـل مدنـهم وليـغير قلوبهم قبل ظـاهرهم فيـوجه العــقول والقـلوب إلى الحـقّ ويمـهّد للناس ســبيل الوصـول إلى مـا يقـرّبهم زلـــفى مـن الصـلاح ويبعدهم عن الفسـاد، ويدعـوهم إلى إتـباع سبـيل الهـدى وديـن الحق فينتشر الإســـلام بذلك رحـــمة في العالميـــن ويـعلو فوق كل أفكـار الباطل ومفاهيمه ذات العناوين الدينية أو غيـر الدينية وبعيـدا عن الرتـوش الدخيـلة التـي يتــبرع بها بعض المسلمين من عنـد أنفســهم.. بحيث يصـبح الإســلام في عقلانــيته الرحــبة و صـلاح عقيـدته وسمو أخلاقه وواقعية شريعته وتوازن منهجه هو الطرح الأفضل والأرقى للإنسان أنى وجد .فهل يعي المراؤون اليوم ضرورة أن يريحوا محمدا وإسلامه الحنيف من أفهامـهم وأن يتركوه يمشي بين الناس مزدانا بصفائه الأول يوم نزل بعد أن بلغ الزيغ مبلغه وتعب الإسلام منه ومن تأويلهم وبعد أن ضج الدين من أفهامهم الدينية السفيهة  وممارساتهم الأخلاقية الفظة .

فهل ندرك أن الاسلام الذي حمل على ظلام الجاهلية وظلماتها في قرآنه المجيد لا يمكن أن يبارك ظلام الجهل في أمة  بلهاء لا تريد أن تقرأ "إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق"

الشيخ عباس أحمد شحادي