آتٍ إليك حضرة الحبر الأعظم بلا فصلٍ ولا فصول، آتٍ إليك من غزَّة والقدس ومهبط الأولياء والأنبياء مع نبي الله عيسى ومحمد والأرواح النقية التي هتفت في كتبها المقدَّسة من أجل سعادة الناس ورخائهم في الحياة، لا من أجل موتهم وفقرهم وتهجيرهم وإبادتهم وإلقائهم في جحيم آلة النيران والقتل، ورفعت شعار "عاونوا الآخرين، باسطوا إليهم قلوبكم بالمودة"...
 آتٍ إليك من زيتونة الأقصى التي تعصر دماً من طفلٍ رضيعٍ وعجوزٍ كسيرٍ وامرأة ثكلى وهي تروي عطش الماء ونهر الدم، أم أنَّ الذي يجري ليس دماً بل ماء قراح، ليشرب القاتل نخب الدالية من خمر وخمور، ومن فم السيوف والطائرات التي تهدم سقوف البيوت على الآمنين من نساء وأطفال وشيوخ.
 آتٍ إليك من قلبٍ يسترقُّ السمع لصرخات المرضى والأطفال الذين يسكنون ظل الزيتون والغار، والنسوة يخرجن من الركام والنيران والنار.
 آتٍ إليك من عروق سروة القدس والحب والحنين، وفي دمنا نبع من الأنين والغبار والجراح، ومن صمتٍ أطعمها قادة من دولٍ غربية وعربية وكأنَّ قلوبها فارغة من كل ضميرٍ وإيمانٍ وعن كل سيوفهم التي أكلها صدأ الجبن والخوف، وقد أغمدوها في أغمدة الوجل والخجل. سأآتيك وأنا أعرف لا ضوء في فجر الجفون ما دام في كل يومٍ تشيَّع أطفال تحت أكف الشمس، وعيناي على كل النعوش، وكأننا سنقضي أعمارنا في انتظار سفينة تعانق حياة الوجود، هذي غزة تدمر، والناس تذبح كالنعاج من مغرب الشمس إلى ضحاها ونعبر الأقصى والقدس ولا نراها، ولكن نرى في عزيمتكم وإرادتكم كما المسيح السلام والمحبة وتوفير الأمن والأمان، ووقف أعمال الحرب والقتل والدمار، فبئس العدوان على العباد.
سدَّد الله خطاكم لما فيه خير السلام وحقن الدماء في غمرة العواصف والأمواج.
الشيخ عباس حايك