أصبحت السلطة والحكومة والزعيم والرئيس والمسؤول بلحية أم بغير لحية، بريؤون من كل ما يجري براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ويوحون بأنهم أوفياء لوطنهم وشعبهم، وبريؤون من كل اختلاس وسرقة وفوضى خلاَّقة وقتل وفقر وسمسرة ونفاق وكذب ونسف وحبس ، واللائحة طويلة، وما يزالون يروجون لنظرية الفوضى الخلاقة العارمة الهستيرية من أجل تمرير كل المشاريع والصفقات والهيمنة والتسلُّط على رقاب الشعب.
 

ما دامت الفوضى الخلاَّقة في لبنان تأخذ سيرها في ارتفاعٍ جنوني، حتى باتت كل الجهات المسيطرة على الدولة ومؤسساتها، تكرِّر دائماً ـ نظرية الفوضى الخلاقة ـ بل وامتدت وأخذت بيدها إلى معظم القنوات التلفزيونية والجهات الإعلامية والمواقع الفيسبوكية والتويترية، وإلى كثير من المحلِّلين الإستراتيجيين الكونيين، فأصبحت لغة الفوضى الخلاَّقة إيقاعاً على أنغام الوجع والصخب والضجيج والموت المجاني، فلم يعد هناك من أي صعوبة في تحليل ما يجري في حق هذا البلد وحق شعبه من إفلاس واختلاس لكل مقومات العيش ومقدرات الدولة والشعب، وضرب المؤسسات تحت نظرية الفوضى الخلاقة، وهذه الجملة أو هذا الشعار، باتت عنواناً ملاصقاً لكل الجهات والأنظمة الإستبدادية والقمعية، التي تقهر مجتمعها وتذل شعبها، وتعزو بكل أسلوب استغلالي إلى أنَّ ـ الإمبريالية الغربية ـ الملعونة، هي التي تريد أن تزرع الفوضى الخلاقة والفتنة الطائفية التي تعبث بالبلد من أجل السيطرة على مكتسباتها ومصالحها، وإن أدى ذلك إلى سحق البلد وشعبه، وتحت هذه العناوين يتم كم الأفواه، ولم يعد هناك أي مبرِّر للمطالبة والمساءلة والإعتراض، ويسقط السؤال الصعب أمام سهولة الفوضى الخلاَّقة. 

 

 

ومن ثمَّ يخلق مناخ يريح ويتيح لتلك الجهات والأنظمة من تصفية حسابات سياسية والحصول على ما يريدون من مكتسبات ومن تبريرات لكل عمل قمعي وإذلالي. وهذا ما يتيح بكل سهولة السيطرة لكل فرد مسؤول أو جهة مسيطرة أو نظام بأكمله، تحت  عنوان ـ الفوضى الخلاَّقة. 

 

 

من هنا، مما لا شك فيه أنَّ الإمبريالية الغربية والدول الطامعة والطامحة تسعى للسيطرة والنفوذ في الشرق وفي منطقتنا، بالتأكيد ليست هي جمعيات خيرية تعطينا بالمجان، ولا يخفى من أنها تملك أدوات وجهات وأذناب إجرامية وطغيانية، وتستغل ما يسمى بالفوضى الخلاقة من أجل غاياتها ومصالحها. إلاَّ أنه ليس دائماً يمكن أن نرصد هذا الإستخدام في بلدنا وما يجري عليه، وما حلَّ به من فقر ومرض وخوف وجوع وعدم الأمن والإستقرار، وكأننا أصلاً نعيش في حالة انتظام دائم واستقرار تام وثقافة واسعة وعالية وتفاهم قائم وحقوق وواجبات مؤمنة، مما يوحي بأننا لم نكن فوضويين منذ عقود وقرون. فأصبحت السلطة والحكومة والزعيم والرئيس والمسؤول بلحية أم بغير لحية، بريؤون من كل ما يجري براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ويوحون بأنهم أوفياء لوطنهم وشعبهم، وبريؤون من كل اختلاس وسرقة وفوضى خلاَّقة وقتل وفقر وسمسرة ونفاق وكذب ونسف وحبس ، واللائحة طويلة، وما يزالون يروجون لنظرية الفوضى الخلاقة العارمة الهستيرية من أجل تمرير كل المشاريع والصفقات والهيمنة والتسلُّط على رقاب الشعب، فهذا إن دلَّ على شيء، فإنما يدل بكل وضوح، أنهم يريدون أن يكون نظام هذا البلد هو في فوضويته الخلاَّقة.

 

 

 وما زالت هذه النظرية مستمرة ومنتعشة في اللعبة السياسية اللبنانية، وحيلة كبيرة فرضت سيطرتها من أجل أن يبقى لبنان في نظام الفوضى، وفي لعبة الإستخدام لكل جهابذة السلطة، ولجهابذة السياسيين والمحللين الكونيين، وستبقى تستخدم من أجل ذر الرماد في العيون، لنبقى بين خيار الرمد وخيار العمى. قد تكون هذه البركات والإسهامات التي استخدمت في مقالتنا،هي إسهامات بائسة ويائسة، لا تجدي نفعاً ولا تسمن ولا تغني من جوع.