الطائفة في خطر، والطائفية في أمن وأمان، نحمد على من يُحمد على وفرة الكرامة التي ننعم بأفيائها، والشكر على نعمة وحدتنا الطائفية، وبيئاتنا المغلقة والمقفلة الأبواب والأحزاب، وعلى الأساتذة الدينيين والسياسيين الذين يُسمعون لنا دروس الصباح والمساء، في شرح الدين والعلاقة مع الله والبشر والحيوان والشجر والحجر والوجه الحسن، وفي مصلحة الطائفة والحزب والمؤسسة التي تحفظكم من غائلة الفقر والدهر، وما علينا إلاَّ حفظ الأناشيد التي تُحيِّ القادة الأبرار..

 


نحمد على وفرة ونعمة الخطاب الطائفي، التي وفَّرت لهم المصالح والإستثمار، وقوَّمت لنا التسوُّل على الأبواب لنسأل كسرة خبز، وثمن رغيف، وكسوة عورة، وما تجود به النفس في قرارة دينهم وضمائرهم، أنهم يحسنون ومحسنون ومتفضلون على الكثيرين من سذج، ليستحقوا منهم الدعاء والشكر، ومن الله الأجر والجزاء. وما زالوا يحسنون بسنِّ قوانين توظيفية، في أوضاعنا الحالية المعدمة، التي تدرُّ عليهم أرباحاً سياسية طائفية، وأموالاً لتضخيم ثرواتهم وزيادة أرباحهم، لتزداد في زيادة ترف المترفين، وفسق الكثيرين من الفاسقين، وجعلوا الآلاف من الشعب الساذج في وطن الكرامة تحت سلطة وحفنة مخنَّثة كسولة وخمولة، وجاهلة ظلومة، تعتاش على سذاجة الطيبين، كما تعتاش الحشرة على ماء الشجر.

 


نحمد على وثيقة الوفاق الوطني، وميثاق العيش المشترك، الذي تقاسم السلطة فأصبح لبنان الشرف والكرامة مقسَّماً بين الطوائف، لتنعم كل طائفة بانتمائها المذهبي وتنقي صفاوة مائها ونقاوة عرقها، ليشرب منها الفساد السياسي وننصاع بسذاجتنا للولاء إلى الزعيم، بعد أن أعطيناهم كل ما يريدون، وبتنا نستعطفهم ونستزلم لهم من أجل الحصول على شيء يقينا من جوعٍ أو خوف. اشتموا الطائفية والعنوها في كل خلوة عابد ومتصوف، وفي الصلوات والترانيم ، وارجموها بأحجاركم وأظافركم، لأنها سبب المصيبة وصانعة الخطيئة. 

 


إنَّ مشكلتنا في لبنان ليست الطائفية السياسية، وإنما تكمن في النفوس الضعيفة المريضة، التي مكنت من التسلُّق على ظهر الشعب والوطن، فجعلت منه رافعة للشهوات السلطوية والحزبية، وطريقاً إلى المال والنفوذ. خذوها ـ الطائفية ـ  تلك التي دمرت بلدنا، وأفقرتنا على رصيف الطرقات، وعلى أبواب المآذن وأجراس الكنائس. خذوا عظامها التي تحمل كفراً في معابدها، وفقراً في شوارعها. سمني ما شئت، فأنا مسلم بالله، شيعي كربلائي، مسيحي متوهج بجمال عيسى، درزي بهائي معرفي، سمني من أي طائفة، فأنا لبناني من صنيعة الله، ومن صلب  نبيه آدم (ع)، وكلكم من آدم وآدم من تراب، ارحموا هذا البلد وارحموا شعبه ليرحمنا ويرحمكم الله. واجعلوه دولة إنسان ومواطن ومواطنة لتتساوى فيه الحقوق والواجبات، كما ردد إمام الوطن موسى الصدر، إجعلوا لبنان دولة الله لا دولة قيصر.