مرَّة ألغى قانوناً يُعرف باسم قانون صاحب الجلالة مفاده: معاقبة من يمس شخص الإمبراطور بالموت، لكنه قتل بعد ذلك آلاف الأشخاص باسم القانون الملغي كان يُلغي الضرائب ثم يعيدها في اليوم التالي بموجب قانون النصوص على نحو مبهم لا يتيح للمعنيين بدفع الضريبة فهمه، بحيث يصبحون واقعين في قبضة العذاب، دفعوا أم لم يدفعوا. إنها قوانين كاليغولا المصارف اللبنانية.
 

الويل كل الويل لمن أراد أن يفتح ولو قليلاً كُتُب التاريخ، وخصوصاً تاريخنا، لأنه تاريخٌ قلَّ فيه الضوء وكثُرت فيه الظلمات، وقد دوِّن بأقلام فقهاء السلطة المأجورين، لقد اختصر ـ المعرِّي ـ التاريخ بقوله: من ساءه سببٌ أو هالهُ عجبٌ فلي ثمانون عاماً لا أرى عجباً ـ الدهرُ كالدهر والأيامُ واحدةٌ / والناسُ كالناس والدنيا لمن غلبا.

 

 

وإذا أردنا أن نسلِّط الضوء على بعض الطغاة والطغيان في التاريخ، نجد أقوالاً خلدت في الحياة، لتزيدنا وعياً وإدراكاً، لأنَّ التجارب مصدر معرفي يستكشفه المرء لكي يعرف مجاهل الطرق، من حكمةٍ قالها رجلٌ عظيم وإمامٌ كبير، "الإمام الحسين بن علي (ع)" (التجارب زيادة في العقل). ومن الأقوال المخلَّدة ـ كم الطغاة محظوظون...لأنَّ نصف البشر لا يُفكرون، والنصف الآخر لا يشعرون.... الطغاة يتأخر، دائماً، اغتيالهم... وهذا هو عذرهم الكبير.

 

 

 من النماذج للطغاة في التاريخ ـ كاليغولا ـ الإمبراطور الروماني في روما القديمة، الذي يفتخر بالطغيان من حيث كون القوانين بيادق في اللعب، ذات يوم انفجر كاليغولا ضاحكاً دون أن يفهم أعضاء المجلس والشيوخ والفقهاء من حوله سبباً لنوبة الضحك، في المجلس قاضيان ـ مفتيان ـ شيخان ـ حاولا أن يستفهمانه واجفين، فردَّ عليهما، الأمر هينٌ وبسيط، أضحك لفكرة، وهي أنني بإيماءة واحدة من رأسي أستطيع أن أرى رأسيكما يتدحرجان أمامي على الفور. هذه عدة الشغل في السياسة الطاغية، بث الرعب والخوف والموت في الرعية.

 

إقرأ أيضا : أجراس الرحمة لن تُقرع في لبنان.!

 

 

 فأعلنت السياسة القاعدة التاريخية (إن حمل البؤس إلى الرعية ودمارها يشكلان العامود الأساسي لسياستنا وديانتنا)، فالمبدأ هو: الموت سنة الله في الخلق، والرعب أو الخوف، أمرٌ تكويني في الحياة، الفقر بلاءٌ مختص لصفوة الخلق، والصبر عليه بابٌ من أبواب الجنة. مبدأٌ آخر، وهو قاعدة "التعويض" في عالم الآخرة، إنَّ الله يُعوض عليك ما سُرق منك، فاسكت عن فقرك ومظلمتك، لأنَّ الله يمتحنك ويختبرك، فاسكت عن ضيمك، وستنال في الآخرة الأجر والثواب والتعويض. وهكذا قلب ـ كاليغولا ـ ليس فقط نظام البشرية، بل نظام الآلهة.؟ ولائحة القوانين ـ الكاليغولية ـ طويلة.

 

 

 آخرها: كان بموجب قرارات يتخذها، يعلن إحياء أشخاص ماتوا منذ زمن، وينعي أشخاصاً أحياء يستمعون إلى تلاوة القرار. 

 

 

مرَّة ألغى قانوناً يُعرف باسم "قانون صاحب الجلالة" مفاده: معاقبة من يمس شخص الإمبراطور بالموت، لكنه قتل بعد ذلك آلاف الأشخاص باسم القانون "الملغي" كان يُلغي الضرائب ثم يعيدها في اليوم التالي بموجب قانون النصوص على نحو مبهم لا يتيح للمعنيين بدفع الضريبة فهمه، بحيث يصبحون واقعين في قبضة العذاب، دفعوا أم لم يدفعوا. إنها قوانين كاليغولا المصارف اللبنانية.