سلامٌ عليك وإليك أيها الحلم العربي والإسلامي، وآهٍ يا حلم فلسطين، سنبقى واقفين وصامتين ومبهوتين، لأننا لا نعرف كيف نبني أوطاننا، نرقب بسباتٍ، ونعضُّ على شفاهنا ونأكلها، ثمَّ نبتلع رياق ألسنتا، ثمَّ نتهيَّأ لمضغها، ونسيلها لعاباً، حتى لا ننطق ببنت شفه.
 
هنا النكبة، وهي النكسة، صفقة القرن، قرن الله، دخلوا الأرض المقدَّسة فلسطين، كأنه القدر، قدر العربي أن يقتل العربي، وقدر المسلم أن يقتل نفسه..وأن يقتلوا أنفسهم بأنفسهم، ليوفِّروا على الخارج والغريب والعدو مشقة الإغتيال والغيلة والدم، قرَّروا أن يكتبوا وصاياهم بأنفسهم ويملي العربي إستمارة الموت والمسلمُ وصية شهادة الموت، ويوقِّعوا على عقد الدفن في الروضات والقبور، وكأنهم يتنازعون ويتسارعون على توسيع المقابر من أجل الفوز والرضوان والجوار الحِسان، وطوف الغلمان، والحور العين، المقصورات في الخيام.. قرَّرت الألهة صفقة القرن، ارتفع الصراخ والبكاء وبُحَّت الحناجر بالتنديد والوعيد، حتى أصبح البكاء مشروعاً إقليمياً ودولياً، فعندما يعلو الصراخ وتجفّ الحناجر والمحابر والأقلام، ندرك أن خطباً أو جللاً ما قد وقع وطرأ على الحياة، فقوافل قريش وتجار الدين والكوفية والعِقال، قد تاهوا في الطريق.؟ أرادوا أن يزحفوا نحو القدس، فوجدوا أنفسهم في اليمن وليبيا وسوريا والعراق وكازاخستان وأفغانستان وطورا بورا وبلاد الواق واق، ولم يصلوا أرض القداسة..؟
 
 لا ندري.! لماذا البكاء والصراخ..؟ والحلم الفلسطيني بكل ألويته وجماعاته وحركاته الإسلامية والجهادية، أرادوه دولةً مستقلَّةً، فبعثروه أشلاءاً، وحاسوب الدم في ارتفاع لا ينتهي..
 
 لمن العزاء..؟ هل نعزي العرب والمسلمين، هل نعزي أنفسنا، ونحن لا نلمس حتى قانوناً يحمينا من بلطجية السارقين والناهبين لأموال الناس والشعب، ولا نشعر أننا نسكن وطناً حتى لا نبقى مكشوفين في العراء، أم نعزي الشعب الفلسطيني على الدم الذي سال بلا حرمة.؟ فالأخ يقتل أخيه، وجماعة تقتل جماعة، وآخر ينال من جاره وصديقه، كما نحن نفري بعضنا بعضاً، نتهم بعضنا بعضاً، ونخون من نريد، ونرفع من نريد، ونضع من نشاء، لأنه بيدنا الوضع والرفع، أم على الحلم..؟ الذي لا نعرفه، لأنه مات مذبوحاً ومنحوراً، وواريناه ثراه، لأننا نملك ثقافة النحر..! فأصبحت أغلب الحركات الجهادية لتحرير فلسطين، ينخرها الفساد والإفساد، من الإخوان إلى الإخوان، ومن حماسٍ إلى حماس، ومن فتحٍ إلى فتح، ومن حركةٍ إلى حركة، ومن حزبٍ إلى حزب،  أتدرون لماذا.؟ لأنَّ أسهم الإسلام السياسي إرتفعت، تماماً كحاسوب الدم والفساد دائماً في ارتفاع، ولأنَّ البدائل كانت مترهلة شرهة فاسدة منهكة، فتفكيرها في بطنها، ونومها في أفخم الفنادق، وتحولت القيادة الجهادية من بعد الفقر، إلى طبقةٍ متخمةٍ لن تغيب ما دامت الشمس تشرق كل صباح.. فسلامٌ عليك وإليك أيها الحلم العربي والإسلامي، وآهٍ يا حلم فلسطين، سنبقى واقفين وصامتين ومبهوتين، لأننا لا نعرف كيف نبني أوطاننا، نرقب بسباتٍ، ونعضُّ على شفاهنا ونأكلها، ثمَّ نبتلع رياق ألسنتا، ثمَّ نتهيَّأ لمضغها، ونسيلها لعاباً، حتى لا ننطق ببنت شفه.. والسلام على التين والزيتون والأرض المقدسة والبلد الأمين.