وإنَّ المسؤول والنايب والوزير والزعيم الذين ينعمون في مخادعهم ويسجدون لكعاثب النساء وهم يؤدون لهنَّ صلاة الشكر بين كواعبهنَّ، وشعبهم يعاني الفقر والجوع والمظلمة، فهم من بيئة (الزعران).
 

عذراً.. لبساطة الكتابة، لأن الألم والجوع والفقر فوق الكتابة والوعظ واستلهام الهمم الثورية والثورجية، أيةُ حكمة تنفع تلك الأمعاء الخاوية، حتى العبادة التي لا تعكس قيمة إنسانية لا قيمة ولا وزن لها، لأنَّ كل خدمة إنسانية وإجتماعية هي لونٌ من ألوان العبادة، بل خدمة الناس هي فوق إقامة الشعائر الدينية في معنى العبادة الصحيحة والإيمان الخيِّر، إنَّ الذي يصلي ويضع قرآن الله على رأسه ويبكي حسينه الشهيد (ع) ثم يكذب، فهو أزعر! وإنَّ الذي يرخي لحيته بمشطٍ تلعب بها أذيال الشيطان ليصطاد على أكتاف الناس، فهو أزعر! إنَّ العمامة التي يضعها المرء على رأسه ثم يرمي أوساخه وطحينه في آذان الناس الطيبين من أجل نيل تفاحة إمرأةٍ لينال أمره العفن، وتراه واعظاً متصدراً شاشات "التلفزة" وتندلق الأخلاق من فمه الوسخ دلقاً،وفي الليل يأتيكم كالجرذان،وتراه راكعاً وساجداً وقائماً، وهو يتصدر منصباً دينياً أو حزبياً، ولا يُحرِّك ثقلاً واحداً بإصبعه القزم،من أثقال وجع الناس وفقرهم ومظلوميتهم، ويُمجِّدُ سيده السارق والظالم لتعب الناس وجوعهم، إنه شيخٌ لصٌ، ومفتي أزعر..!

 

 وإنَّ الذي يدخل إلى بيوت الناس البسطاء والطيبين، وهو مسؤولٌ بحزبٍ أو تنظيمٍ، ـ ثنائيٌ كان أو ثلاثيٌ ـ من أجل مصلحته البلدية أو الوجاهتية أو النيابية، ويصول ويجول بلسانه المالح والكالح، ويعدُ الناس بمساعدتهم، ثم يخرج وكلامه تحت حذائه، فهو أزعر.! وإنَّ الذي يقطع لقمة عيش إنسانٍ، فهو أزعر.! وإنَّ المسؤول والنايب والوزير والزعيم الذين ينعمون في مخادعهم ويسجدون لكعاثب النساء وهم يؤدون لهنَّ صلاة الشكر بين كواعبهنَّ، وشعبهم يعاني الفقر والجوع والمظلمة، فهم من بيئة (الزعران).

 

 عجباً، واعجباه..! ألم نقرأ قول أمير المؤمنين علي (ع)،الذين يطنبوننا به في الأفراح والأحزان، وفي المقابر والطرقات، قوله (ع): "عجبتُ لمن لا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس حاملاً ـ أو شاهراً سيفه" فالذي يخرج مطالباً بحقه الذي سرقتموه، وبكرامته التي أهنتموها وانتهكتموها، وبجوعه ولقمة أولاده، ومصير حياتهم، فللأقل لم يحمل سيفاً أو سلاحاً أو عبوةً أو رشاشاً، وإنما حملاً صوتاً مبحوحاً، وقلباً مفجوعاً، ورمى حجراً على من استلبه وكذب عليه، أو أشعل إطاراً أو دولاباً في الطريق، من أجل رفع مظلوميته، إنه على لسان علي بن أبي طالب، هو "آدمي" مقابل "أزعر" إنه شريف النفس، عزيز الكرامة، لأنَّ الذي يسكت على الضيم يصبح ظالماً بعد أن كان مظلوماً، فيا للحقيقة التي عبثت بها القوانين الدينية والسياسية، ولعبت بعقول الناس فيها العناوين.."وما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيد".