حتى لا تكون نكرة في مجتمع المعرفة تتقاذفك أدمغة البشرمن العاشقين والعابدين والواصلين من تراب الطين.
 

في مخيلة كل لبناني، يوجد أكثر من صورة ورسم وتصميم، لينال كسب العيش.لأن الأكثرية اللبنانية الساحقة في أرض الوطن والعزة والكرامة، تعيش فقراً وتحت خط الفقر، وخط الخط، ولن تترك الخط، لأن الذي خطه هو إلهٌ يقف على الماء، ويمسك بالسماء والهواء، إله الطوائف والأديان والأحزاب، وينسى الإله نفسه، إنه من نطفة البشر....

 

بلد الآلهة والأصنام، وتعددية الأحجار والأوتار، من الذين لا يفرِّقون بين صنم الإله، وإله الصنم، رغم الفارق بين صنمٍ تأكله عند الجوع، وبين صنمٍ يأكلك وهو متخمٌ، وأنت تؤدي له عبادة الصباح والمساء..

بلد الأصنام والآلهة والكرامات المجانية عند كل مفرقٍ ورستق، شعبٌ مخلصٌ في عبادته وهو متوضأٌ ومستوفٍ لشروط الطهارة ولشرائط العبادة حتى لا يقع في حبال الشيطان والشرك مع إلهٍ آخر، وإلاَّ فسد الوطن والعبادة، وأكثرية العابدين لا تجد سبيلاً لسدِّ حاجاتها الأساسية والضرورية، من طعامٍ ولباسٍ ودواءٍ وتعليم..والبعض إن حصل على شيءٍ منها، فهو مطأطئ الرأس خيفةً وخشيةً من قداسة الإله، وإلاَّ قطعه سيف الإله والسلطان والصنم، أو يحصل عليها بالجهد والتعب والعمل الشاقِّ والمضني، مع مرافقة الذل وذهاب ماء الوجه والإحتقار..

إقرأ أيضًا:" صوت المرأة الشيعية الموؤودة...."

إنه بلد قوانين الآلهة، وعقيدة الحزب والطائفة والدين، وما عليك إلاَّ الطاعة والتطبيق، فهم من عِلِّية القوم العظام، وأنت من السفلة الصغار، هم أفذاذٌ وعلماء وفقهاء، وأنت من الدهماء والحشرات، هم الرجال الرجال، وأنت من أشباه الرجال والهوام، وحتى تكون مخلصاً للخط والنهج والدرب والدين والحزب والطائفة، التي خُلِقت لأجلهم، أن تتجنب السؤال وكل سؤال حتى عن أمك وأبيك، وصاحبتك وبنيك، وعن عيشك وعزتك وكرامتك، ولأنك من نطفةٍ منزوعة النسب، فأنت أنت، المنتسب إلى الإله الأوحد، ولا يوجد إنتماءٌ آخر وعقلٌ آخر، بهذه الشروط أيها اللبناني العابد العاشق، تكون من المؤمنين الفائزين، والأتقياء البررة، أن تتحوَّل إلى آلةٍ صمَّاء، لا تدرك شيئاً، لأنك لا تفهم أي شيء، ولا تشعر بشيء. ومن شرائط صحة العبادة للإله المعبود، أن تستسلم للفساد والمفسدين، والسرقة والسارقين، وتدعو له لتبارك الفساد والهيمنة، ولسانك يلهج بحمد الطبقة السياسية والدينية، وتثني على كل سارق ومجرم، بهذه الشروط تكون قد أديت العبادة على الوجه الصحيح، وأفرغت ما عليك من واجباتٍ وحقوق، فالإله بانتظارك، والحزب ينتظرك، والطائفة تنتظرك، والإنسانية جمعاء تنتظرك، وأنت تنتظر نفسك، ولا يوجد أمامك أيُّ مبرِّرٍ للتأخير، حتى لا تقع بالتسويف، وترتكب الحرام، وإلاَّ تكون مواطناً ملعوناً على امتداد مساحة الوطن والأرض والتراب، بل على امتداد التاريخ، حتى لا تكون نكرة في مجتمع المعرفة تتقاذفك أدمغة البشرمن العاشقين والعابدين والواصلين من تراب الطين.