ليت الأرض انشقت والسماء انفتقت وتدكدكت الجبال في أوديتها من أن يتولى هؤلاء أمور الدين والأخلاق
 

ليس كل من يحمل إسم محمد، وأحمد، ومصطفى، قد حمل معه أخلاق النبي محمد(ص) وصفاته وعلو قدره ومنزلته وإنه لعلى خُلُقٍ عظيم،وليس كل من يحمل إسم علي،وحسن، وحسين، قد يُشهد له برجاحة العقل والعلم والدين والأخلاق والعدل والعفو والرحمة،أو أنه يعيش مع حياة علي في دينه واحتياطه بأعراض الناس وأموالهم أو يأكل كما يأكل من أقراص الشعير أو يبيت مبطاناً وحوله بطونٌ غرثى،هم ليسوا كمثلهم، فهم يملؤن كروشهم من قروش الفقراء.. 

قد تمتد معنا سلسلة الأسماء والمسميات وتلاقيها وتفرقها حتى نصل إلى كلمة (مفتي، أمين سر الفتوى، مدرِّس فتوى) إنها كلمات وصلت بنا وبها المواصيل إلى مهزلة أو إلى (مض....ة)، هؤلاء الذين ركبوا على عجل سيستنفرون علينا نفراً ونفيراً وشخراً وشخيراً وشهقاً وشهيقاً وزفرةً وزفيراً، هنا لن أقبل على نفسي أن أحيد عن طريق الإنصاف، هناك من يستحق هذا اللقب والفتية والعلم والتقوى ممن نذر نفسه لله والناس بعد أن خاضوا لجاج بحور العلم والتقوى وابتعدوا عن ديارهم وأوطانهم إلى حوزات قم والنجف وبقوا عشرات وعشرات السنين حتى تمكنوا من تحصيل علوم القرآن وسنة نبيه محمد(ص) وعلوم أهل البيت (ع) وأغنوا تراثنا بأقلامهم وكتاباتهم وكانوا قدوة في الفتية والفتوى والعمل والسلوك رحم الله الماضين منهم وأطال بعمر الباقين، هم من يستحقون هذه التسميات والألقاب.. 

أما أن تصل الأمور إلى صغار من الكتبة ينصبون على كبار من العلماء فهنا يستدعي التوقف أمام هذه الظاهرة التي حلت بهذا الجسم من أن يتولَّى من ليس له دراية على أهل العلم والرواية والدراية،والكارثة الأعظم أن يمسكوا بتلابيب المؤسسات التبليغية والدينية بحيث يملكون جوازات سفر عابرة للحدود وللمستور تحت عمة الدين وعمة رسول الله(ص) ويعظون الناس ويتمكنون من خداع الطيبين ليتمكنوا من غاياتهم الشيطانية والشهوانية وتلك الأمور العفنة فيقتحمون بأفخاخهم ما حرَّم الله ورسوله،فطمروا الأفخاخ حتى تمكنوا من أن يعبثوا بعقل (العضيض) وعصافير الشوك، وتلك حدود الله فلا تعتدوها...

ليت الأرض انشقت والسماء انفتقت وتدكدكت الجبال في أوديتها من أن يتولى هؤلاء أمور الدين والأخلاق، هنا يختلط الحابل بالنابل ويدخل المرود في مكانه المعهود..(إنَّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وحعلوا أهلها أذلة وكذلك يفعلون)، هذا ما أجاب به ثلة من اللاهوتيين لملكة سبأ حينما طلبت رأيهم، لكنها لم تحد عن رأيها الفصيح وسلمت مملكتها للعقل والعقلاء وأهل الخبرة والدراية، وأهل العلم والتقوى، لسليمان النبي (ع)، فجعلها الله قدوة لكل بلاقيسنا ومفتييننا، إن هؤلاء إذا دخلوا قريةً أو بيتاً أو مجلساً،أو منصباً أفسدوه تحت ألف ذريعة وعذرٍ شرعي ومصلحيٍ باسم الدين، غريبٌ وعجيبٌ كيف يقفون على الماء ويمسكون بأطراف السماء ويدعون وصلاً بالأنبياء لكنهم من نطفة البشر....