عندما تستأنف إيران تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية وبعيدة عن الإشراف الدولي، فحينها تحصل الولايات المتحدة على ذريعة لشن حرب وقائية ضد إيران
 

لا يصدق الكثير من الخبراء السياسيين أن السياسية التي يتبعها دونالد ترامب تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تكون تهدف إلى أقل من إسقاط النظام الإيراني الذي كان مصدر قلق كبير للسياسة الأميركية طيلة أربعة عقود من حياته. 
ولو كانت أميركا ترامب تريد الحؤول دون حصول إيران على السلاح النووي لكان الاتفاق النووي يحقق هذا الهدف وكان فعلًا كفيلًا لمنع إيران من الاتجاه نحو إنتاج السلاح النووي. 
ولكن الثلاثي الباحث عن الحرب (ترامب وبومبيو وبولتون) لا يريدون إبعاد إيران عن فرص الحصول على السلاح النووي وإنما يريدون دفع إيران إلى الخروج من الاتفاق النووي واستئناف تخصيب اليورانيوم والماء الثقيل عبر تشديد الضغوط عليها وفرض أقسى العقوبات عليها.
وعندما تستأنف إيران تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية وبعيدة عن الإشراف الدولي، فحينها تحصل الولايات المتحدة على ذريعة لشن حرب وقائية ضد إيران. 

إقرأ أيضًا: لماذا انسحبت الولايات المتحدة من الإتفاق النووي؟


هذه هي الخطة الترامبية لإسقاط النظام الإسلامي في إيران. 
والحربان اللتان سبقتا تلك الحرب المتوقعة وقوعها تفيدان بأن الولايات المتحدة تقر أمرًا ثم تبحث عن مبرراته ومقدماته عبر ذرائع واهية. فالغزو الأميركي لأفغانستان كانت ذريعته تواجد أسامة بن لادن فيها وليس مشاركة دولة طالبان في أحداث 11 أيلول. 
كما أن إحتلال العراق تم بعد خلق المخابرات الأميركية وثائق تقول بامتلاك العراق السلاح النووي!
تم اسقاط نظام طالبان ونظام صدام حسين بتلك البساطة!
أما عندما تتعلق الإرادة الأميركية باسقاط النظام الإيراني فإن هناك أكثر من ذريعة لتحقيقه، فهناك القضية النووية خاصة بعد خروج إيران من الاتفاق النووي عندما تجد أن بقاء أوروبا لوحدها لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل فرض العقوبات الأميركية، كما أن توسع إيران الاقليمي يمنح ذريعة لترامب، فضلا عن دعمها للجماعات التي تعتبرها الولايات المتحدة إرهابيًا كحركة "حماس" و "حزب الله" و "أنصار الله" وما الى ذلك. 

إقرأ أيضًا: شروط خامنئي للإبقاء على الإتفاق النووي


هذا دليل إسقاط النظام الإيراني وفق المخطط الأميركي ولن تكتفي أميركا بتغيير أو تعديل سلوكيات إيران. 
أما إيران من جهتها أبدت مرونة خلال الأيام الأخيرة حيث أنها قبلت بالتفاوض مع الدول الأوروبية الأربعة (فرنسا، ألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي) بشأن اليمن ما يفيد بأن إيران مستعدة للدخول في التفاوض بشأن القضايا المطروحة من قبل الأوروبيين ولكن بشرطين: أولا أن لا يسبقه ضغوطات أو مواعيد وثانيًا أن لا يربط بين تلك المواضيع وموضوع الاتفاق النووي، لأن الأخير لا صلة له بأي موضوع آخر. 
إن إيران تعمل حاليًا في جبهات عدة: تفادي العقوبات الترامبية وخلق شرخ ما بين أوروبا وأميركا واختبار صدقية أوروبا وجديتها في الابقاء على الاتفاق النووي ومما ترتبها إيران على بقاء أوروبا في الاتفاق النووي هو الدخول معها بشأن الملفات الأخرى وأي تقدم ستحصل عليه اوروبا في التفاوض مع إيران بشأن القضايا الإقليمية من شأنه فرض عزلة على الولايات المتحدة وبروز أوروبا كملاك الخلاص!