سواء كان الحريري يملك أكبر كتلة نيابية أم لا، وسواء خسر مقعداً وغيره ربح مقعدين هناك، يبقى الوضع هو أن يدخل لبنان في مجموعة غينس
 

استلم الأب الشهيد رفيق الحريري بلداً شبه مدمر، وربما كان في تلك الفترة بلا ديون، وما فعله الحريري الأب عندما كان رئيساً للحكومة من إعمار واستثمارات وبناء المدارس والمستشفيات وتشييد الطرقات والشوارع وتقديم المساعدات وتأمين الوظائف، كان بموافقة جميع المكونات الأساسية من جميع الأحزاب والطوائف، وبعد عقدين إستلم البلد الحريري الإبن الشيخ سعد، وبنفس الموافقة من جميع الأفرقاء، فإن كان البلد مديوناً بمليارات الدولارات فالمسؤولية على الجميع، وما زال البلد نصف مدمر، مهترئ الأوصال يستعصي حتى أقساط المدارس الرسمية فضلاً عن المدارس الخاصة، هنا لستُ ممازحاً وليست نكتة أن يكون 50 بالمئة من اللبنانيين فقراء، و10 بالمئة جياعاً تحت خط الفقر، في هذا البلد يعيش على عوامة المياه وأكثر البيوتات لا يوجد فيها إلا الحنفيات المهترئة بالصدئ وبلا ماء، وحتى المياه الجوفية مهدورة وملوثة، الشواطئ لوثتها مشاريع الصناعية، واتلفت الثروة السمكية، وما زالت أيادي السارقين ممتدة وحولتها إلى منتجعات ومحميات للأغنياء، وما زالت الدولة بكل مكوناتها تفرض خوات على اللبنانيين من حقهم في النزول إلى البحر، أو ما يسمى "بالقبضايات" التي تمنعهم بالقوة من حقهم ببحرهم ورملهم، بالإضافة إلى ملف الكهرباء "حدِّث بلا حرج" أفسد من الفساد ملف الكهرباء" وأما ملف الضمان الصحي الذي نعتقد أن أكثر من ثلثي الشعب اللبناني غير مضمون صحياً، وأما ملف المدارس والجامعات فهي ليست بأفضل حال، فالكل تحت رحمة التعيينات التي تراعي الطائفية السياسية والحزبية، بدلاً من المستوى الأكاديمي، ليظل التعصب معشعشاً في نفوس وأرواح الكوادر الأفذاذ.

إقرأ أيضًا: مطرقة نبيه بري على رؤوس الكل!
من هنا سواء كان الحريري يملك أكبر كتلة نيابية أم لا، وسواء خسر مقعداً وغيره ربح مقعدين هناك، يبقى الوضع هو أن يدخل لبنان في "مجموعة غينس" من أكبر صحن حمص وصحن تبولة، وأكبر سيخ شاورما، وأكبر منقوشة زعتر بالخبز المرقوق على الصاج العربية، كل شيء في البلد مشكوكٌ فيه ـ سواء خسر الحريري بعدد مقاعده أم لا ـ من المنتوجات الزراعية مسمومة، ولا أحد يدري كيف يأكل الخسة أو حبة البندورة، والصحة والأمان نعمتان مفقودتان، فضلاً عن زيادة الغلاء في كل شيء، وأما البنزين هنا الطامة الكبرى من غشٍ وارتفاع، وأما الأدوية لا أحد يعلم تركيبتها ولا مصدرها ويتعرض المرضى للغش وتزوير عقاقيرهم، وأما المستشفيات بأسرتها فهي أكبر دكاكين ولا أحد يحاسب أو يراقب من يستغل المريض الموجوع، ولائحة الفساد طويلة في بلاد الأرز الأخضر وبلاد العزة والكرامة، هذا هو حال البلد سواء كان الحريري موجوداً أم غير موجود، خسر هنا أم ربح هناك، فيبقى هو الرابح، لأن الكل يجمع على أنَّ وجوده ضروري سواء بكتلة كبيرة أم صغيرة، فيبقى الشيخ سعد هو المنتصر.