اشتموه فهو من سلبكم أنهاركم وتينكم وزيتونكم وعنبكم ومالكم ووظائفكم وأقساط مدارسكم وضرائبكم وما هو غالٍ عندكم
 

من ساءه سببٌ، أو هاله عجبٌ، فلي ثمانون عاماً لا أرى عجباً، الدهر كالدهر والأيام واحدةٌ والناس كالناس والدنيا لمن غلبا.. (المعرِّي)..
هكذا هي الدنيا، وهكذا هي الأيام، ومن ظنَّ بأنَّ الدنيا قد أسلست لها قَيَادَها وقدَّمت له أعنتها فهو واهمٌ، لأنه من عادة الدهر أن يطعن بالكرام، بيوت كريمة، عاملية جنوبية، هي بيوت الكرام والأدب والعلم والجهاد والمقاومة، التي ننحني معها إجلالاً وإكباراً وإحتراماً لعطاءاتها ودمائها، وأمام دماء المقاومين والمجاهدين فلتسقط كل الكلمات والشعارات، وتنحني الرؤوس أمام بذل الأرواح في سبيل الأرض والعرض والشرف والكرامة، هكذا تربينا وتعلمنا وليس منَّة من أحد، إنه دين وأخلاق وتربية ووفاء.. ما قبل الفتح شيئٌ أمام التحدي والتصدي والبطولة والجهاد والتضحية، وما بعد الفتح دخل الكثيرون أفواجاً وأفواجاً، وأمواجاً أمواجاً، وأزواجاً وفُرادى، كأنهم نحلُ من أجل الكسب، اشتموه فهو من سلبكم أنهاركم وتينكم وزيتونكم وعنبكم ومالكم ووظائفكم وأقساط مدارسكم وضرائبكم وما هو غالٍ عندكم، اشتموا كل معارض لسياسة الوجع والفقر والبطالة والفاقة والعوز، فهو الذي يذلكم على أبواب المستشفيات والمدارس والدوائر الرسمية والحكومية، فليشتم كل من يمارس حقه ولا يعتدي على حق أحد، لأنه هو السبب في كل ما جرى لكم، ومن يقول غير ذلك فقد كذب، فمن لمالكم نهب، ومن لمتاعكم سلب، هو الذي أخذ منكم من كل ما هبَّ ودبَّ، ولتقرؤوا في كل صلواتكم ودعائكم تبت يداه كما تبَّت يدا أبي لهب وتبّ، اشتموه لأنه هو الذي علمكم أن السكوت على الضيم هو سكوتٌ من ذهب، اشتموه هو الذي أتعبكم في لياليكم ونهاراتكم حتى أرهقكم التعب، نعم إنه هو السبب، وهو العجب، وهو الذي ضيع طريق القدس والنقب، هو الذي دمر الأقصى وقبة القِبب، نعم إنه خائن من كسب، ما دام الواحد يجلس في فراشه ويريد أن يسقطه ويسقط كل قلمٍ من رصاص وحبر ودم، فلتسقطوه بالضجيج والصخب... 
وأختم بقولٍ لأمير الكلام والبلاغة والأدب، "كثرةُ الوفاق نفاق، وكثرةُ الخلاف شقاق"... (الإمام علي عليه السلام).

إقرأ أيضًا: طراطير السياسة وزناة الليل!