إذا تأملنا وأمعنا النظر في الطريقة التي قتل فيها عثمان لنرى أنها طريقة أجنبية لا صلة لها بالعادات والطرق العربية والإسلامية
 

بنظرة فاحصة وسريعة إلى الحوادث التي سببت بمقتل ثلاثة من كبار صحابة رسول الله(ص)، الخليفة عمر، والخليفة عثمان، والإمام علي (ع).
 فلنقف حول مقتل عثمان وإشتراك الأمويين والمروانيين فيها، توحي إلينا بأن المؤامرة الكبرى بدأت منها وإكتملت بمقتل الإمام علي(ع)، وتضعيف الخلافة الراشدة، وتحققت باستيلاء معاوية على الحكم ونمت جذورها بعد الصلح مع الإمام الحسن(ع) وأعطت ثمارها بإستشهاد الإمام الحسين(ع).

إقرأ أيضا : الصراع السني - الشيعي هو سياسي بإمتياز
 وإذا تأملنا وأمعنا النظر في الطريقة التي قتل فيها عثمان لنرى أنها طريقة أجنبية لا صلة لها بالعادات والطرق العربية والإسلامية، ومما ينقل عن كيفية مقتله بحسب المصادر التاريخية بأنه تسوَّر نفر من بين الثائرين دار الخليفة وتمت عملية الإغتيال وهو يتلو القرآن وقد ناهز الثمانين من العمر. ولكن هناك وثيقتان تاريخيتان يمكن من خلالهما أن نكشف كيف بدأت المؤامرة للقضاء على الخلافة الراشدة. والوثيقتان نجدهما في كلام الإمام علي(ع) كما ورد في نهج البلاغة، الوثيقة الأولى عندما قتل عثمان فقال (ع): " إنَّ هذا الأمر جاهلية، وإنَّ لهؤلاء القوم مادة، إنَّ الناس من هذا الأمر إذا حرك على أمور، فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك، فاصبروا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها". هنا نرى كلاماً من علي(ع) كيف يلمِّح بل يُصرِّح بتلك المادة التي تحرك القوة للإنقضاض على النظام.

إقرأ أيضا : ولماذا الخوف من حكم الإسلاميين ؟
 وأما الوثيقة الثانية التي تنص على الذين إنضموا إلى معاوية لمحاربته فقال(ع):" جفاة طغام، وعبيد أقزام، جُمِّعوا من كل أوب، وتلقطوا من كل شوب، ليسوا من المهاجرين والأنصار، ولا من الذين تبوءوا الدار". هذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن القتلة كانوا مرسلين من جهة أجنبية، وأنَّ جيش معاوية كانوا مرتزقة جميعهم من شتات وأنحاء مختلفة. وهذا بالإضافة إلى كلام لا يقل أهمية عن الوثيقتين، ولا ندري لماذا لا تأخذ تلك الوثائق على محمل النقاش بل ولماذا خفيت على الأمة عبر تاريخها، فكلام الإمام علي(ع) وهو يخاطب معاوية، قائلاً له: " فأما إكثارك الحِجاج في عثمان وقتله،فإنك نصرت "عثمان" حيث كان النصر لك، وخذلته حيث كان النصر له" وهذا موجود في نهج البلاغة.
من هنا نريد أن نتوجَّه بتلك التساؤلات عن كيفية مقتل الخلفاء الثلاثة على نمط واحد، وبصورة متلاحقة، لا يمكن أن تكون محض خيال وصدفة،إنما هناك عمل مخابراتي غريب عن طبيعة علاقتهم مع بعضهم البعض، وإنها خطة محكمة من قبل جهة كبرى كانت ترى فيهم وفي خلافتهم خطراً كبيراً، ألا وهي الإمبراطورية الرومانية بزعيمها هرقل، وخصوصاً بعد أن جهز النبي(ص) جيشه بإمرة أسامة بالسير إلى أهل الروم.

إقرأ أيضا : الإنفتاح الإجتماعي في البيت النبوي
من هنا بدأ "الطابور الخامس" يعمل داخل البلاد الإسلامية بكل قوة ليغير مجرى حياتها فكرياً وعملياً، وبالفعل نجحوا في مخططاتهم، مع علمهم بشخصية معاوية ونزعاته  وسوابقه وسوابق أبيه وبالخصوص مع رسول الله(ص).
 وأما مقتل الخليفة عمر كان على يدي مجوسي،ولم يكشف التاريخ النقاب عن الدوافع التي دفعته إلى إرتكاب هذه الجريمة، وكذلك هؤلاء النفر الذين إغتالوا عثمان، وبعده إغتيال الإمام علي (ع) على يدي الخوارج،  ثمة قراءة تستحق التأمل، وتساؤلات مشروعة ينبغي أن نقرأها من أجل أن نعلم أنَّ الخلفاء لا خلاف بينهم على أصل إرساء قواعد العدل، وكانت سقف الدعوة المحمدية يجمعهم جميعاً، ونرى أنَّ الخلاف الذي يحدثوننا عنه اليوم إنما صدر بعد إغتيالهم، وهذا ما كرَّسته مدرسة معاوية التي نحتاج إلى قراءتها قراءة جدية وموضوعية لنرى صوابية هذه التساؤلات والوثائق التي أبديناها.