هل ترضى إيران والسعودية بدمار بنيتهما التحتية والعودة إلى ما قبل الحداثة الصناعية وإنعاش إقتصاد أعداء الأمة الإسلامية؟
 

المشهد المستقبلي لمنطقة الشرق الأوسط يتضح بالتدريج ونقترب من الدور النهائي للمباريات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. 
تتوفر لدى الطرفين مجموعة من المبررات لخوض تلك المعركة الكبرى  فجناح الصقور في كلا الطرفين لديه اليد العليا في صنع القرار مما جعل أي تعديل للمواقف الحادة عند الطرفين أمرا صعبا للغاية.

وهناك قابلية تامة لدى الطرفين لحسم النزاع عبر المواجهة العسكرية، حيث إن الطرف الإيراني يرى بأن لديه صواريخ عابرة للقارات وعصية على القبان الحديدية ولديها قوة تدميرية خارقة، وهناك تضخيم لتلك القوة ليس من الداخل الإيراني فحسب بل من حلفاء إيران وفي مقدمتهم الدب الكبير أو الشيطان الأصغر، الروس.
 فإن الخبراء الروس العسكريين يكيلون الإعجاب بقدرة إيران العسكرية ويحاولون تطمين إيران من أن قوتها تفوق المملكة السعودية وأن إيران قادرة لحسم الحرب المحتملة مع السعودية في وقت قصير وربما العودة بالسعودية إلى ما كانت عليه قبل قرن من الزمن! 

إقرأ أيضا : السيد نصرالله يقرأ في كتابٍ واحد مع السفير الأميركي السابق في سوريا

لا شك في أن تلك التحليلات والتنبؤات العسكرية من قبل الروس تخدع البسطاء في إيران ويبعث فيهم حلما بمشاهدة أفلام حربية على غرار ما يشاهدونه في الأفلام الكرتونية حيث  ينتصر فيها البطل على منافسه عبر القيام ببهلوانيات.

وفي الطرف الآخر هناك مشجعات كثيرة لخوض تلك المواجهة، حيث يتمكن الفريق الجديد من توحيد الصفوف في الداخل بخوضه حربا مباشرة مع إيران، ويأمل بالإنتصار فيها بفضل قدراته العسكرية وخاصة بمقاتلاته المتطورة التي تقدر على إنجاز الكثير مما هو مأمول. 
ويحاول الشيطان الأكبر خداع السعودية بشنّ تلك الحرب علما بأن إيران تتجنب البدء بأي حرب مباشرة مع أي دولة فضلا عن أن تكون تلك الدولة، المملكة السعودية التي لديها أكثر من دلالة رمزية.

ويبدو أن الأزمة القطرية مع جيرانها توحي بأنها فخ لإستجلاب إيران إلى المواجهة ولكن الدبلوماسية الإيرانية لن تتعامل مع الأحداث بطريقة عاطفية، بالرغم من أن هناك من يُصفق ويتحمس لوقوف إيران بجانب قطر على غرار تركيا، أي تأسيس قواعد عسكرية إيرانية في قطر.

إقرأ أيضا : أزمة الخليج القطرية...فإنّ الحرب أولُّها الكلامُ.

المشكلة  لدى إيران  أعمق بكثير مما هي لدى السعودية ، لأن صناع القرار في السعودية متوحدون والسلطة هناك متوحدة ولا أحد يغرد خارج السرب، أما إيران ليس فيها صوت واحد بل أصوات متعددة. وإذا يعول العسكر على قدراته العسكرية ولكن بموازاته تعول الحكومة على طاقاتها الدبلوماسية والسياسية، كما رأينا طيلة الأشهر الماضية أرسلت إيران عبر الحكومة إلى البرلمان أكثر من رسالة إيجابية للسعودية لم تتلق أي منها بردّ ملائم ومناسب.

ومن تلك الرسائل، تصريحات علي لاريجاني رئيس البرلمان وعلي شمخاني، فضلا عن رسائل وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

إقرأ أيضا : الخلاف الصاروخي بين الحرس الثوري والرئيس روحاني

علي أية حال هناك تشجيع أمريكي روسي للسعودية وإيران لدفعهما إلى مواجهة عسكرية مباشرة، لأن كل من روسيا وأمريكا تستفيدان من تلك المواجهة بشكل مباشر فحدوث تلك المواجهة يحول دون تصدير النفط من الخليج ويرفع أسعار النفط إلى تسعة أو عشرة أضعاف مما ينعش إقتصاد روسيا والولايات المتحدة أكبر الدول المصدرة للنفط خارج منظمة أوبيك.

هل ترضى إيران والسعودية بدمار بنيتهما التحتية والعودة إلى ما قبل الحداثة الصناعية وإنعاش إقتصاد أعداء الأمة الإسلامية؟ هذا سؤال ستجيب عنه الأحداث في المستقبل القريب. 

علي شريفي
باحث إيراني