أولاً: السفير الأميركي السابق في سوريا...
منذ ثلاثة أيام فقط أدلى السفير الأميركي السابق في سوريا السيد روبرت فورد ،بتصريحاتٍ هامة تتعلق بمستقبل المنطقة العربية لصحيفة الشرق الأوسط، فنعى الدور الأميركي الفاعل فيها، وجزم بنهاية اللعبة الحربية والسياسية والدبلوماسية، مع غلبة واضحة للوجود الإيراني والتركي في شمال سوريا، وبشّر بصمود النظام السوري وقضائه على آخر معاقل الثورة السورية في درعا وصولاً إلى إدلب فالقامشلي، ومعظم هذا التردّي والانهزام يعود الفضل فيه لسياسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي تخاذل وتردّد وترك المنطقة طُعمةً للروس والإيرانيّين، أماّ ما حزّ في نفس السفير هو المصير البائس الذي ينتظر الأكراد الذين وثقوا بالاميركيين، الأميركيّون الذين سيتركونهم بين أنياب النظام السوري والنظامين التركي والإيراني، فضيحة سياسية وفضيحة أخلاقيّة.

إقرأ أيضًا: الشيخ ياسر عودة.. حذار، فقد يتطوّع أحدهم للتطّهُر بدمك ساعة يشاء
ثانياً: السيد حسن نصرالله...
وسماحة السيد حسن نصرالله اليوم، وفي يوم القدس العالمي، يقرأ في كتاب السفير الأميركي، بالحرف والصورة، أم أنّها الحقائق هي التي تفرض نفسها، فالسيد يرى في الأفق نصراً مبيناً لمحور المقاومة والممانعة، من اليمن إلى العراق، إلى سوريا ولبنان ففلسطين المحتلة، اليمن يحتفل بيوم القدس العالمي، وصموده الأسطوري طوال ثلاث سنوات ضد "الغزو" السعودي، والعراق يكاد أن يقضي نهائياً على تنظيم داعش الإرهابي على أراضيه، وفي سوريا يتقدّم النظام بخُطىً ثابتة لتعزيز حضوره الميداني حتى الحدود العراقية الأردنية، حيث تتقهقر جماعات داعش والنصرة في البادية السورية وصولاً إلى الرقة ودير الزور، وفي لبنان، قوى المقاومة (حزب الله منفرداً) يمتلك كل أسباب القوة والعتاد والسلاح والمقاومين (والعزيمة والإيمان طبعاً) لمواجهة إسرائيل، ويستشهد بمقاطع مكتوبة لقادة إسرائيليّين يجزمون ويتنبّأون بأن لا حرب قادمة، لا في الشمال ولا في الجنوب، وهذا ما ذهب إليه السفير الأميركي، المنطقة قادمة على استرخاءٍ تام، لا داعش ولا نُصرة، ولا معارضة سورية تحُلُّ محلّ النظام، لا خرائط تقسيميّة ولا موجب لها، لا حروب مع إسرائيل، المارد الأميركي أعاده للقمقم الرئيس السابق أوباما منذ أكثر من ست سنوات، يقول السفير ويُثنّي على ذلك سماحة السيد، انتهت اللعبة، تأخرنا، ورددّها السيد: انتهت اللعبة، لكن نحن تقدّمنا، لم نتأخّر في يومٍ من الأيام، اعترف السفير بخذلان أميركا وهزيمتها، وتباهى السيد بالنّصر والظّفر.
تبقى الشعوب، ومن يحسب لها حساب؟! عليها أن تدفع الأثمان الباهظة، دفعت للحقب المواضي وسلّفت للحقب البواقي.