يستنزف التأويل والتفسير النصِّي، جهابذة الرأي وجماعات الطوائف والمذاهب وأصحاب اللحى وعمائم التيارات الحزبية الإسلامية، حتى جفت بحور المحابر ،وبُحت حناجر المنابر من كثرة الآراء والإجتهادات المتراكمة والمكدسة في عدسة العيون الشرعية ومكتبات العقول الفقهية، بحيث لا تجد عندهم فاصلة إلاَّ ولها فواصل ونقاط، حتى النقطة لها تفسيرات لا يعلمها إلاَّ من قذف الله في عقله علماً يكشف عن أسرار الكون وبطون الأرضين،لأنَّ الله اختصهم هم وحدهم دون سائر عقول البشر..حتى بات يُتعب هذا البحث الفقهي المكلَّفين الملتزمين باتباع والسير على حافة وجادة الطريق المستقيم لكي لا يذهبوا جماعة وجماعات كخلية نحلٍ إلى نارٍ تشوي البطون والعقول والأجسام، لذنبٍ اقترفوه في تجنب الحكم والفتوى التي تستند إلى أراء الكبار في رسائلهم المتبعة.. وهل صاحب الشريعة نبينا محمد (ص) ترك لهؤلاء النفر من كبارهم مسألة محاكاة النص الإلهي بطريقة مزاجية ذوقية إستنسابية تخضع لأمزجة طائفية مذهبية بحيث حتى لو أدَّى ذلك إلى تفرق وتمزيق المسلمين في عيدهم وأعيادهم وعباداتهم،في الوقت الذي قال فيه الرسول الأكرم محمد(ص) وأقسم في عيد المسلمين بقوله "اللهم بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً ولمحمدٍ (ص) ذخراً وشرفاً ومزيدا".. وهل ترك النبي (ص) هذا الأمر بحيث لا يُبين الطريق الواضح للمسلمين وتركهم في ضياع وشتات، حاشا لرسول الله (ص)، أن يكون عاجزاً عن الحفر في بيان هذا النص، ليترك لهؤلاء الجهابذة من روؤساء المذاهب والطوائف هذا الأمر للتفريغ عن النص وتأويله وخضِّ جرته بدسم مذهبي ليشبع المتعصبين المذهبين وليكدس ويضخم من التزاماتهم الشرعية..من هنا تضخمت هذه العقلية التاريخية بحيث أصبحت للسنة طريق وللشيعة طريق،بل لكل مذهب طريق تفضي إلى زواريب ضيقة داخل كل طريقة تتمذهب في إطارها الطائفي.. من هنا نرى أئمتنا (ع) وما هو المأثور عنهم، بأنَّ العيد حينما يُعيِّد الناس، والفطر حينما يفطر الناس، وإنَّ يوماً أفطر فيه ثم أقضيه هو أحب إليَّ عند الله من أن تتمزَّق وتتفرَّق وحدة المسلمين، وما زال هذا الخلاف والإختلاف يمتد ليس فقط في الأمة الإسلامية، بل نجده يمتد ضمن المذهب الواحد حول خيط الضوء وكيفية مسك طرف الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وحتى الغروب ليصل إلى نهاية في عيدٍ تتقاسمه الطائفة الواحدة، وتجعل أبنائها في حيرةٍ من أمرها، لأنَّ المرجعية تختلف نظاراتها الفقهية فبات عيدها أعياداً، وما زال التأويل يأولنا في جعجةٍ تستهلكنا في حياتنا، وختاماً إنه العسس الكبير الذي جاء إلى تيمور لينك وحدَّث به الملا نصر الدين قائلاً له ( يا حضرة الملا لقد أخبرني كبير العسس أنَّ شيخ السنة قد سهر عند إمام الشيعة ليلة أمس، فهل ترى في هذا سبباً للقلق..؟ أجابه بالقول: "إقلق يا مولاي حين يخبرك كبير العسس أنهما اتفقا على كيفية الوضوء أو أنهما يتفقان على يوم العيد....