لا تزال النظرة تشاؤمية حيال الجولة الجديدة من المباحثات حول الأزمة السورية
 

 وعلى الأرجح سيكون "جنيف - 4" نسخة مطابقة للجولات السابقة، خصوصاً في ظل استمرار المعارك العسكرية رغم اعلان وقف اطلاق النار في محاولة للقضاء على جبهات قادرة على اشعال معارك جديدة، وغموض الموقف الأميركي تجاه النظام ومصير الرئيس السوري بشار الأسد، اضافة إلى اصرار الأخير على عدم مناقشة عملية الانتقال واقتصار المباحثات على مواجهة الارهاب، فضلاً عن خلافات في مناطق المعارضة وقتال بين الفصائل.

وضمن هذه الأجواء، كشفت مصادر سورية مشاركة في المؤتمر عن "توتر بين موسكو والمبعوث الأممي ستيفان دي مستورا على الدعوات وحصة وفد المعارضة"، وبالتالي أعادت مباحثات "جنيف - 4" تعويم الخلافات والانقسام بين المعارضة السياسية، بين الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من مؤتمر الرياض، ووفدي المعارضة المنبثقين عن موسكو والقاهرة، في وقت تحتاج الأزمة إلى وحدة في الصفوف المعارضة لمواجهة محاولات النظام للالتفاف على أي مبادرة تفضي بانتقال السلطة.

وأوضحت المصادر أن "التوتر بين  موسكو ودي مستورا هو بسبب طريقة ارسال الدعوات وتوزيعها على الأطراف المعارضة والحصص التي لا تعكس حقيقة الأرض"، مذكرة بأن "وفد موسكو حصل على 5 أعضاء من ضمنهم المشاركين، ووفد القاهرة حصل على النسبة نفسها بينما المعارضة الممثلة بالهيئة العليا فتمثلت بـ 10 أعضاء، أما بقية الاعضاء المعارضين فهم من الفصائل العسكرية".

ولهذا تقول المصادر: "إمّا أن تحصل تغييرات في اللحظات الأخيرة وحضور منصة موسكو أو ستكون الجولة كالرحلة السياحية، في وقت يعمل النظام على استخدام هذا الخلل بين المعارضة وسيحضر لالقاء المحاضرات وافتعال المشاكل"، ويعيد سبب اعتراض منصة موسكو إلى "اعتراض على العدد، والهيكلية وغياب الجهة الكردية"، موضحاً أن "الهيكلية تعني المطالبة باتخاذ أي قرار في الوفد بالتوافق وليس بالاجماع". ويضيف: "من الواضح أن دي مستورا أراد أن يوازن عددياً ما بين معارضة موسكو والقاهرة من جهة ومعارضة الرياض من جهة ثانية"، داعية إلى "أن يكون وفد المعارضة واحداً وألا يكون هناك حصرية لفريق على آخر، في وقت كان هناك فرصة حقيقية لتوحيد الوفد لكن هناك عقليات تفشل الأمر". ويرى أن "الموقف الأميركي غامض لكن من الواضح أن أولوياته اقليمية ودولية أكثر من حصرها بسوريا وحدها".
في المقابل لا يزال حتى اليوم، يستغل النظام السوري تقدمه في معركة حلب، ويقول نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد لـ "مهر" الإيرانية: "استعادة الجيش السوري السيطرة على مدينة حلب شكلت انتصارا تاريخيا كبيرا وغيرت المعادلات الدولية في سوريا". وبرأيه "الحكومة السورية أصبحت تمتلك اليد العليا في العملية السياسية".


والسؤال اليوم ما الذي تغيّر قبل انطلاق مباحثات؟
- بخلاف المباحثات السابقة فان أنقرة هذه المرة تدخل جنيف وهي ضمن المحور الروسي بعيداً عن المحورين الأميركي أو الأوروبي.
- يتزامن مع انطلاق مباحثات جنيف الحديث عن مناطق آمنة سورية على الحدود السورية - الأردنية مشابهة للسيناريو الذي فرضته تركيا بالتنسيق مع روسيا.
- تتجه الأطراف السورية هذه المرة إلى "جنيف - 4" تزامناً مع وقف اطلاق نار هشّ، لكنه برأي المراقبين أفضل من الاتفاقات السابق التي لم تصمد لأيام.
- الوضع العسكري والمساحات الجغرافية تغيرت، وباتت القوات التركية في القلب السوري وتستكمل عملياتها لتحرير الباب في حلب من السيطرة الداعشية، توسع النطاق الجغرافي للاكراد سواء في شمال سوريا أو باتجاه الرقة، وتراجع المعارضة وخسارتها على جبهات عدة سواء بالمعارك أو بما يسمى "المصالحات"، تقهقر " داعش" في مناطق عدة شمالا وتضييق الخناق عليها في الرقة والباب.

- يأتي جنيف - 4 في ظل عجز أوروبي في كامل الأزمة السورية وغياب شبه تام عن الواقع.
- دخول ادارة أميركية جديدة على خط الأزمة في ظل غموض تام حول مواقف الادارة من الأزمة السورية.
- اختلاف في تشكيلات المعارضة وانعزال في صفوف "النصرة" (تندرج حالياً ضمن اسم هيئة تحرير الشام) واتفاق عام بين المقاتلين المعتدلين (الجيش السوري الحر) على رفض هذا المكوّن.
- حديث عن دستور جديد، طرحته روساي تزامناً مع رعايتها مؤتمر آستانة.
- حديث جديد عن طرد الميليشيات الأجنبية من سوريا بمن فيها " حزب الله"، ووضع مصير ميليشيات النظام في مقابل مصير الميليشيات الشيعية والأجنبية.
- صراع خفي بين الروس والايرانيين واختلاف في الاجندات، اذ بات واضحاً أن روسيا تلجأ إلى الحل السياسي بعدما اقتنعت بأن النظام لن ينتصر عسكرياً، فيما ايران ترى أن أي تراجع للنظام واللجوء على الحل السياسي يعني نهايته وبالتالي تضرر مصالحها الاقليمية خصوصا بظل التقارب التركي - الروسي.
- أمين عام جديد للامم المتحدة بدلاً من السابق  بان كي مون.


وفي ظل هذه الأجواء التي بالعادة تبرز قبل أي مباحثات، فان الروس من مصلحته انعقاد "جنيف - 4"، وبحسب التجارب السابقة فان أي فشل في المباحثات سيؤدي إلى فورة عسكرية ومعارك جديدة بحثاً عن أوراق قوة جديدة لفرضها على أي طاولة مقبلة.