يبدو أن رئيس الجمهورية ميشال عون فضّل أن يستخدم سياسة "النأي بالنفس" بعدم توقيعه قانوني الايجارات وتمديد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، وبالتالي اطلاق سراحهما وصولاً إلى نشرهما في الجريدة الرسمية كقانونين نافذين، بعكس الأسلوب الذي أعلن عنه تجاه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بعدم التوقيع والتلويح بالفراغ، إذ لا يزال أمام الرئيس نحو 18 يوماً ليتضح بعد ذلك مصير مجلس النواب الحالي والانتخابات النيابية المقبلة.
 
جاء في نص القانونين في الجريدة الرسمية: "بما أن المادة 56 من الدستور تنص على أن يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي تمت عليها الموافقة النهائية خلال شهر بعد احالتها على الحكومة ويطلب نشرها. وبما أن المادة 57 من الدستور تنص على أنه في حال انقضاء المهلة من دون اصدار القانون أو اعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره، وبما أن مجلس النواب أقر قانون (تعديل قانون الايجارات وتمديد ولاية الهيئتين في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى) وأحاله رئيس المجلس على الحكومة للنشر بتاريخ 26 - 1 - 2017، وبما أن مهلة الشهر المنصوص عليها في المادة 57 من الدستور تكون قد انقضت بتاريخ 27 - 2 - 2017 من دون أن يصدر رئيس الجمهورية قانون الايجارات أو يعيده إلى مجلس النواب وتنفيذاً لأحكام المادة 57 من الدستور يعتبر قانون الايجارات نافذاً حكماً ووجب نشره".
دستورياً، لدى رئيس الجمهورية مهلة شهر ليتخذ قراره تجاه قانون أحاله مجلس النواب على الحكومة، ويوضح الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين لـ"النهار" أن أمام الرئيس خلال هذه المهلة ثلاثة خيارات:
"أولاً: توقيع القانون واصداره.
 
ثانياً: اعادته إلى مجلس النواب ويكون بحاجة في هذه الحالة إلى 65 نائباً وما فوق، وإذا تعذر ذلك فيكون وصل الرئيس الى النتيجة التي يريدها بعدم تأمين الأصوات الكافية لاقرار القانون.
 
ثالثاً: عدم التوقيع وعدم اعادته، وبالتالي إذا مرت مهلة الشهر من دون اصدار يصبح القانون نافذاً حكماً ويُنشر في الجريدة الرسمية".
وبرأي حنين ان "خيار عدم توقيع القوانين لا قيمة له، وقانون الايجارات مثلاً، عندما صدر لم يوقعه الرئيس ميشال سليمان لكن لم يكن هناك قيمة لذلك، لأن القيمة في الاعتراض هي برد القانون حتى لو كان المجلس سيعود ويصوت عليه بـ 65 نائباً وما فوق، إذ يكون بذلك قد وضع النواب امام مسؤولياتهم، ويكون قد سجل موقفه، وبالتالي اعادة القانون إلى المجلس هو الأقوى، مع تعليق واضح لسبب عدم التوقيع". اضاف: "عدم التوقيع بمثابة الهروب من القضية، وأعتقد أن على رئيس الجمهورية أن يختار خيارين إما أن يوافق فيوقع أو يعترض ويعيده إلى مجلس النواب، وعدم التوقيع هو اضعاف لموقع رئاسة الجمهورية لأن القانون سيسير بعد شهر من احالته على الحكومة من دون توقيع ويصبح نافذاً".
 
أما تجاه المراسيم فتكون أهمية التوقيع مختلفة، إذ يذّكر حنين بأن "المراسيم نوعان: الأولى تخضع لقرار مجلس الوزراء والثانية عادية"، ويضيف: "في الأولى التي تحتاج موافقة مجلس الوزراء تكون المراسيم انشائية لاستحداث أمر ما وتؤسس لجديد، يوافق عليها مجلس الوزراء وبعد ذلك يوقعها الوزراء المختصون ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، ويستطيع الأخير أن يعترض عليها لكن أيضاً يحق للحكومة الا تأخذ باعتراضه وتنتظر مدة 15 يوماً من موعد الموافقة عليها في المجلس ليصدر المرسوم من دون الحاجة إلى موافقة الرئيس".
 
أما المراسيم العادية فهي كمرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي دفع الدستوريين إلى العودة للدستور، فيوضح حنين: "المراسيم العادية تكون اجرائية ولا تؤدي إلى جديد، ويكون الرئيس ملزماً توقيعها، لأنه يقال في نص الدستور: "رئيس الجمهورية يصدر المراسيم ولم يُكتب "له" أن يصدر المراسيم"، وهي مراسيم مشابهة لدعوة الهيئات الناخبة التي لا تؤسس لجديد بل يأتي المرسوم تطبيقاً لقانون الانتخاب، وعندما يوقع عليها وزيري الداخلية والمالية ورئيس الحكومة يصبح رئيس الجمهورية ملزماً التوقيع عليها، وإن لم يوقع يكون قد خالف الدستور ويعطل الانتخابات"، مذكّراً بأن "رئيس الجمهورية يحاسب في حالتين: الخيانة العظمى وخرق الدستور. فلا يحق له ألا يوقع، وتنتهي المهلة في 21 آذار".