كيف تنظر الاديان إلى عالم الجن ما هي المعتقدات السائدة قديما وكيف هي الحال اليوم؟
 

بدايةً لا بدَّ من التأكيد أنَّ الخطر الأكبر والأعظم الذي يجتاحنا ويتهددنا في كل يومٍ، ويعيق حياتنا ومجتمعنا وبيئتنا،وأدَّى إلى ما وصلنا إليه من عطالةٍ وبطالةٍ وعجزٍ وتخلُّفٍ،لم يتأتَّ إلينا من شياطين الجِنِّ المخفي والمستور، وإنما مصدره الأساسي والحقيقي شياطين الإنس والدين والسياسة، التي تزرع فينا بهلوانات، وتصنع لنا كل أنواع العفاريت والشياطين التي تحتل ما بين عقولنا وقلوبنا، وطينتنا وفطرتنا السليمة، وترسم لنا أفعالنا الضارة والمضرة بين مكوناتنا الحياتية..

وأما في الأديان السماوية فقد جعلت الشيطان سابقاً على وجود الإنسان وأعطته القدرة على التجسُّد بأشكال مختلفة ولهذا أجمعت كل الديانات أنَّ الأفعى هي التي غرَّرت حواء ووسوست لها منذ أن كانت في الجنة،فأول ديانة سماوية هي الديانة اليهودية التي تبنَّت هذه المعتقدات، ومن ثم جاءت المسيحية وتبنَّت تلك المفاهيم بخصوص الشياطين من دون أن تجسَّدهم كمصدر للشر، إذ يدخل الشيطان في العقول والنفوس والأجساد..

ثم جاء الإسلام وكما جعل اليهود الشيطان يجادل بخصوص النبي أيوب (ع) كذلك فعل أغلب علماء المسلمين إذ جعلوا إبليس يلقي على الملائكة مداخلة في الإلحاد ويطرح عليهم شبهات، ويجادلهم في أسئلة إلحادية، لكي يخرجوا عن عبادة الله ويشركون به، من هنا لم يخرج الدين الإسلامي عن مفاهيم ومعتقدات اليهودية والمسيحية بخصوص الجن الشيطاني وشروره وعداوته الأزلية للإنسان، والقرآن الكريم يؤكد بكثير من آياته الكريمة حول هذه المعتقدات،"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه،أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌ بئس للظالمين بدلاً" الكهف آية 50..

 

إقرأ أيضًا: فَرَمَان ديني...؟

هذا يؤكد لنا أن إبليس من الجن بل هو أبو الجن، وله ذرية ذكرت معه وأما الملائكة لا ذرية لهم، وإليكم أكثر من آية: "فوسوس لهما الشيطان" الأعراف من 20 إلى 27 "إنَّا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون"..

في سورة الناس وصف بأنه وسواسٌ خنَّاس يجب التعوذ بالله منهم "من شر الوسواس الخنَّاس"..

وأما في سورة الجن التي تلت بترتيب النزول سورة الناس،يعلن نفر من الجن (ما بين الثلاثة إلى العشرة كما يقولون" أنهم سمعوا قرآناً عجباً بديعاً لم يسمعوا نظيراً له في بلاغته وحسن نظمه وفصاحته وغزارة معانيه ودقتها وهندستها، يهدي إلى الرشد، فأمنوا به ومن يؤمن بربه لا يخشى نقصاً من حسناته ولا زيادة في سيئاته، وهناك شبه إجماع من العلماء أنَّ أولئك النفر من الجن هم من جن مدينة نصيبين، وبعضهم حدد المكان والزمان الذي إستمع فيه هؤلاء النفر من الجن إلى القرآن الكريم..

إقرأ أيضًا: هكذا لقَّبه الإيرانيِّون !!

فلا أدري من البعض الذين حاولوا أن ينفوا تأثير الجنَّ عن الذين يدعون ذلك، والذي يتنافى وجوده مع تطور العلم وفي نفس الوقت لم يعمدوا إلى تفسير وشرح تلك الآيات تفسيراً يتلائم مع ما يطرحون،وأخيراً لم نقرأ في التاريخ ولم يخبرنا التاريخ منذ عصر الصحابة أنَّ أحداً – سوى النصابين- من الناس أنَّ أحداً رأى جنَّاً أو جنيَّة سواء كان كافراً أم مسلماً،ولكن أخبرنا التاريخ وأثبتت لنا التجارب أنَّ عفاريت الإنس أقوى تأثيراً من عفاريت الجن،ومن عفاريت مدينة نصيبين ورجالها النصًّابين.