بعد التدقيق في الأحداث السياسية للعام الذي ينتهي اليوم، يمكن القول أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستحق لقب شحصية العام 2016. وهذا ما يؤيده استطلاع مجلة تايم حيث تقدم بوتين على كافة المرشحين للقب شخصية العام فى قائمة تلك المجلة الأمريكية، وذلك فى الاستطلاع الذي تجريه المجلة بين قرائها كل عام.

وحصل بوتين على نسبة تأييد 37% من القراء، بينما جاءت رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي فى المركز الثاني بنسبة 16%، وتلاها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بنسبة 13% بالتساوي مع رئيس كوريا الشمالية كيم يونج أون. 

يعود السبب في هذا الفوز إلى أن الرئيس بوتين يجيد فن السياسة والدبلوماسية وإدارة الأزمات وتحويل التهديدات إلى فرص واستغلال الفرص. فإنه تمكن من كسر الحصار الغربي المفروض على بلده بعد الأزمة الأوكرانية وبينما كان المتوقع أن يتقوقع بوتين إلى الداخل لحل المشاكل الاقتصادية الناجمة عن ذاك الحصار ومنها تدني العملة الروسية أمام العملة الأجنبية والبطالة، ولكنه أبحر عكس التيار، إذ ردّ على الحصار الغربي بإزعاجه في الشرق الأوسط عبر التدخل العسكري الواسع والشامل في الأراضي السورية وتغيير موازين القوى في المنطقة. وفي ظل المقاطعة بين إيران وبين أمريكا، تمكن بوتين من أداء دور الوسيط بينهما على الموضوع السوري، كما تمكّن من اجتذاب تركيا وهي كانت حليفة استراتيجية لأمريكا، وضمّها إلى محور المقاومة، وتشكيل المحور الثلاثي ( الإيراني- التركي- الروسي) لِحَلْحَلة القضية السورية بمنأى عن مشاركة الأمريكيين والعرب وحتى الإشراف الأممي.

 

إقرأ أيضًا: الروس باعوا إيران واشتروا تركيا

وأظهر بوتين كفاءته السياسية عبر التفاوض مع المعارضة المسلحة السورية والوصوع معهم إلى صيغة لوقف إطلاق النار وثم الوصول إلى السلم في سوريا بعد أن أظهر شوكته في ميادين الحرب عبر السوخوي.

وبينما كان يتوقع الجميع تصعيد القصف العسكري الروسي في سوريا بعد اغتيال السفير الروسي في تركيا، ولكن بوتين اتجه إلى الدبلوماسية والمفاوضة مع المعارضة العسكرية السورية.

ولا يمكن تجاهل تأثير بوتين على الانتخابات الرئاسية في أمريكا ودعمه للرئيس المنتخب ترامب، مما أثار غضب الرئيس الديموقراطي أوباما الذي لم يبق له مجال للرد عليه إلا إصدار أمر رئاسية بطرد 35 دبلوماسي روسي من الولايات المتحدة، إظهارًا لمدى عجزه ويأسه.

وتمكن بوتين من فتح قواعد جوية إيرانية لأول مرة بعد الثورة الإيرانية (1979) وبالرغم من أن الإيرانيين كانوا حريصين على بقاء موضوع نشر المقاتلات الروسية في قاعدة همدان الجوية الإيرانية سريّاً ولكن الروس فضحوا الموضوع لتحطيم رقم قياسي، وهو استخدام قواعد عسكرية إيرانية.

إقرأ أيضًا: عودة حزب الله جزء من اتفاق السلام الشامل في سوريا !!!

كما أنه تمكن من التفاوض مع المملكة السعودية للحد من هبوط أسعار النفط، والتخفيف من إنتاج النفط وأدى دور الوسيط بين إيران والسعودية في مسار اتفاق أوبيك على خفض إنتاج النفط.

الرئيس بوتين أظهر أنه من الممكن التقدم في جميع الجبهات من دون قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية، أو طرد ديبلوماسيين أجانب. فهو في معارك الحرب في سوريا وعلى طاولات التفاوض مع المعارضة السورية في تركيا، وهو مؤثر على المسار السياسي الأمريكي، وهو مع إيران ومع السعودية ومع تركيا ومع النظام السوري.

إن عبقريته تتجلى بشكل واضح في صورتين مماثلتين له تُظهر الأولى وهو يُقدّم نسخة مخطوطة للقرآن الكريم للمرشد الأعلى آية الله خامنئي والثانية تُظهره وهو يقدّم دبابة غنمتها سوريا خلال حرب 1982 من الصهاينة لنتنیاهو.