أحيانا تستوقفنا بعض الأحاديث العجيبة في جلساتنا اليومية، وأحيانا أخرى نستغرب أن هذا الشخص ذات الولاء لهذا الزعيم او ذاك يصرح ما يتناقض مع تصريحات رئيسه، كل هذه الأمور في لبنان مثيرة للعجب إذ أن هويتنا لبنانية وانتماءاتنا طائفية أو حزبية.
فمع اشتعال "الطبخة" الرئاسية على نار هادئة أثبت اللبنانيون بجدارة مدى تقوقعهم في إناء الزعيم رافضين الاستقلال الحقيقي بالرأي او الاحتكام بالمنطق، وهنا يزول العجب عندما تتذكر ان الاشخاص الذين عبروا عن رأيهم ورغبتهم قي انتخاب رئيس جديد من فئة الشباب قد عدلوا عن أرائهم للالتحاق بركب الرئيس الذي يحبونه أو يؤيدونه بغض النظر عن رأيه ان كان لمصلحتنا أم لا.
ففي السادس من تشرين الثاني عام ١٩٨٩، وخلال احتفال تأبيني في حسينية الرمل في برج البراجنة في الذكرى الأولى للمقاوم عبد الله عطوي ، تحدّث السيد حسن نصر الله قائلًا: "في لبنان مشكلة اسمها ميشال عون ، وهو حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية، ولا يرى إلا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته، وهو النهج الماروني العنصري في الشرقية". فكان عون غير مقبول من قبل المؤيدين لخط حزب الله لتنقلب الأمور اليوم رأسا على عقب ونجد ان جمهور حزب الله الفيسبوكي من أقوى المدافعين عنه.
ليس السيد نصرلله وحده من غير في مواقفه وقلب الموازين الجماهيرية، إذ ان تاريخ العماد عون مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حافل بالتناقضات والحرب وبمجرد المصالحة انتهى الأمر شعبيا وبدأ القواتيون يدعمون عون رئاسيا.
أما رئيس مجلس النواب نييه بري وما أدراك ما نبيه بري، فإنه بسلته استطاع أن يحرك الجمهور الشيعي المؤيد لأمل ليطلقوا هاشتاغ "معارضة لعيونك" وكلنا ثقة إن عدل بري في مواقفه من عون لتغيرت مواقف جمهوره وتغير الهاشتاغ الى "موالاة لعيونك".
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لأجل كرسي الرئاسة تحدى حليفه عون وأكد اكثر من مرة على استمرار ترشيحه الأمر الذي ادى الى نفور بين الجمهورين.
الوحيد الذي يبدو انه خسر جماهيريا من هذه الصفقة هو رئيس تيار المستقبل سعد الحريري باعتبار أنه خسر جمهوره السني بوجه وزير العدل المستقيل اشرف ريفي، فترشيحه لعون لن يقدم له  الا المزيد من الخسائر على الساحة السنية.
هذا هو الجمهور الذي يتأفأف من نواب ووزراء بلده وفي لحظة الشدة يصبح وفيا لزعيمه الذي ان تمعنا جيدا فيما قدمه لفئته لوجدنا "لاشيء".
إذا، اللبناني المخلص لزعيمه والذي يتمنى رئيسا شابا ها هو يبيع خياراته لعيون الزعيم، فإلى متى هذه التبعية العمياء؟ الا يستحق أولادنا أن يعيشوا بأفضل حال منا؟
سؤال رهن ضمائرنا النائمة ..