القرآن الكريم هو محل الإيمان والتصديق، وليست الرواية والحديث، لأن القرآن يؤكد في آيتين أنَّ الحديث الذي ينبغي الإيمان به وحده هو حديث الله تعالى في كتابه العزيز، قوله تعالى: (فبأي حديث بعده يؤمنون) "الأعراف آية 185" والآية الثانية حصرت الإيمان به إلهاً لا شريك له قريناً بالإيمان بحديث في القرآن وحده، قوله تعالى:(تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون،ويلٌ لكل أفَّاكٍ أثيم،يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصرُّ مستكبراً كأنه لم يسمعها فبشره بعذاب أليم)"الجاثية آية 6-8"..بل أكثر من ذلك في الوصية الأخيرة من الوصايا العشر في القرآن الكريم يقول:(وإنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه،ولا تتبعوا السُبُل فتفرَّق بكم عن سبيله،ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون) "الأنعام آية 153".
فهذه الآية حصرت الأخذ وإتباع الطريق المستقيم بالقرآن وحده، فالطريق المستقيم واحد، وإلا كيف يكون طريقاً مستقيماً،لأن الطرق الأخرى تحتمل الظن والريب والشك،بخلاف الآية، وهذا ما أجمعوا عليه بأن الروايات والأحاديث هي ظنية، والقرآن يمنع الأخذ بالظن، (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله،إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) "الأنعام آية 116".
إتضح الأمر بأن الآية هي محل الإيمان،والحديث أو الرواية هي قضية علمية تتراوح بين الشك والإثبات من زاوية السند والإسناد، فكيف يمكن أن تؤمن بهذا الأمر المتأرجح بين الشك والإثبات؟
لكن ما نراه  في التراث الإسلامي عند السنة والشيعة جعلوا التراث قضية إيمانية مثل القرآن، فالتراث السني الذي أسنده رواة السنة للنبي(ص) فأصبح ديناً مقدَّساً، وأيضاً عند الشيعة جعلوا التراث الذي أسنده رواتهم لسنة النبي(ص) وألحقوا بها الأئمة الإثني عشر المعصومين(ع)  فأصبح ديناً مقدساً، بمنزلة القرآن الذي لا ريب فيه ولا مرية في ذلك، يبقى فقط ما شرَّعه النبي(ص) من تشريعات في العبادات من صلاة وصيام وحج وزكاة ثبتت بالسنة العملية التي لا تتأرجح بين الشك والإثبات، أما السنة القولية أو الحديث الذي أسندوه بعد موتهم(ع) فهذا لا يمكن الإيمان به لأنه يحمل الشك والإثبات، وهنا فارق آخر إنَّ الحديث أو الرواية (المعنعنة) هي أقاويل، بخلاف السنة العملية فإنها طريقة تأدية للعبادة فقط وفقط فهي موجودة قبل "الكليني والبخاري" ملة إبراهيم حنيفاً.
من هنا عجَّت الروايات والأحاديث وخصوصاً عند خطباء المنابر والمساجد وجعلوها مصدراً للإيمان الذي ينافي ما قاله القرآن الكريم بلسان النبي محمد(ص)، حتى مدرسة أهل البيت جعلت ميزاناً واضحاً لقبول الخبر هو بعرضه على كتاب الله فما وافق فخذوه،وما خالف فاضربوا به عرض الحائط، فكيف يمكن الأخذ بأي حديث وخصوصاً أحاديث الترغيب والترهيب التي أفسدت الأخلاق،إذا كانت ترتب الجزاء العظيم والثواب الكبير بمجرد كلمة أو صلاة ركعة أو إقامة مجلس عزاء، يكفي لضمانة الجنة،مهما كان ارتكب من ذنوب وآثام وحمل خبثاً وحقداً وسعى إلى النيل من كرامات الغير والتعدي على الأعراض، فهذه الأحاديث تجعله يسعى فساداً وخراباً وإجراماً،طالما هناك حيث يضمن له الجنة ولو بذرفة دمعة، هذا ما يخالف المنهج الأخلاقي والنبوي في القرآن الكريم الذي يجعل الجنة من نصيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات،وحفلت حياتهم بالخير والإيمان والعمل الصالح النافع، وليس بمجرد كلمة أو تبرع بمجلس من مال حرام وسط حياة حافلة بالآثام والموبقات.