أولاً لابدية التنويه لنفسي على ما تملكه من أشياء ثمينة أحتفظها في أدراج مكتبتي، وربما أخبؤها في زوايا البيت، خوفاً من الضياع لما تحمل من كنوز المعرفة والتنوير، وهي عزيزة على قلبي وأعتز بها وأفتخر، وهي بعض الكتب أهداني إياها صديق كريم وحكيم ، فقه بعض الشيئ من هذه الدنيا، ومن هذه الكتب الثمينة كتاب "عبد الرحمن الكواكبي" (طبائع الإستبداد) الذي أبدع فيه وأجاد هذا العالم الفقيه،وفضح فيه الطواغيت والشياطين من الإنس والمستبدين من رجال جنِّ السلطة الكهنوتية والسياسية، فماذا لوقُدر لهذا العالم أن يعود إلى الحياة ويختار العيش بين لبنان والعراق،وماذا يختار أن يكتب عن هذين الشعبين المحيرين لكوكب الأرض، ويخلصهما من آفات المرض الديني والطائفي ومن حكم الأحزاب والعصابات والمليشيات وخفافيش الليل وشياطين النهار وما بينهما السارقين والناهبين والمحتكرين عقول الناس ومقدرات هذين الشعبين العظيمين، ولكلٍ منهما ديمقراطية مزعومة لهي أشد مرضاً من حكم الديكتاتور الأوحد،ولرفعنا أيدينا إلى رب الكون وترحمنا على الطفاة والمستبدين، ولربما دعونا الله  أن يعيد لنا إستنساخهم لأنهم بالقياس إلى حرية هذين الشعبين الذين تحكمهما العصابات والمافيات وسماسرة الدين والسياسة وآكلي لحومهم وسالبي أرزاقهم تحت ستار الدين والحرية والديمقراطية، بالحد الأدنى الديكتاتور الواحد يؤمن أبسط مقومات الحياة من طبابة ومياه وكهرباء وتعليم ومنح فرص عمل من أجل إستمرارية نبض العيش، في العراق مثلاً لا يوجد شيء مما ذكر ناهيك عن الأمن والإستقرار والموت المجاني في الزواريب والمحاريب، بالتأكيد هذا يجري في أغلب الدول العربية والإسلامية ، ولكن أخذت العراق ولبنان لأنهما غريبين عجيبين ما خلق الله مثلهما في الكرة الأرضية من حيث التركيبة  وهيكلية ما يسمونهما دولة، فالأحزاب في العراق وخصوصاً الأحزاب الشيعية التي إستلمت السلطة أثبتت أنها أفسد أحزاب تحت ضوء الشمس وهم لصوص في عالمنا إختلسوا موارد العراق وجعلوا شعبها تحت خط الفقر والبؤس أكثر بكثير من الطاغ صدام حسين، بعد سقوط هذا الصدام، اليوم يتحسَّر العراقيون عليه، كما وصف أغلبهم بعبارة "رحم الله أيام الديكتاتور الرائع" فعلى الأقل كان يوجد صدام واحد، وعدي واحد،وقصي واحد، أما الآن فلكل طائفة ومذهب وحزب وعشيرة وقبيلة وعصابة وميليشيا صدَّاماتها وعُديَّاتها وقُصيَّاتها، وعلى حد قولهم "ما أرحم الديكتاتور الأوحد، فالأحزاب والميليشيات والطواءف التي برزت عقب الغزو الغاشم الأمريكي،هل هم أرحم وبشر رحيمون، أم أن جرائمهم وحروبهم والقتلى التي ملأت مقابر العراق من حجرٍ وبشرٍ، أكثر بكثير وكثير ،وطبعاً "والحبل على الجرار" وأما في لبنان فله حق السبق وهو المرجع الأول وسبق نظراءه العراقيين إلى هذا التقليد من هدر وسرقة لأموال الدولة والناس تحت مسميات وستائر العيش المشترك ولبنان السيد الحر المستقل، في الداخل والخارج ،كما يقول المثل "الفلوس كثيرة واللي عندو قرش محيَّرو يشتري فيه حمام ويطيَّرو"..أيها العالم الكبير عبدالرحمن الكواكبي ماذا تنصح الشعب اللبناني الذي ما زال فيه طواويس زعاماتية وحزبية ومشيخات الطوائف والعقدية المتناحرة والمتناخرة والمتكاثرة، لربما كتبت أيها الكواكبي "سبحان الله ما أبدع هذا الخلق" من يضبط لبنان الصغير بطوائفه خفافيشه وأحزابه؟ أم أنك تكتب عن مستبدٍ واحدٍ يؤدِّب كل شيطانٍ ماردٍ  يريد أن يحوِّله إلى دكاكين ومزارع ومحميات وإقطاعيات بسياسات حزبية طائفية مريضة ميتة عفنة، ماذا يا سماحة "الكواكبي" فالكون يديره ربٌّ واحدٌ غفورٌ "رحوم" إكراماً للسجعية.. ماذا لو قدِّر لنا أن يديرنا في هذا البلد أربابٌ..؟ لربما كان حال الكون على هذه الطريقة "اللبنانية والعراقية" لأصبح العالم كله فرجة ومسرحية للعالمين.