التنافس على النفوذ والسيطرة والهيمنة من أجل التفرُّد بالقرار، من دون مراعاة المجتمع ومصيره ، والوصول إلى السلطة والحصول على الثروات والربح ، هذا ما يبعث على التسلُّح والقتال ، وهو أمر قد يكون من بديهيات المجتمع العقلاني ،والتجارب التاريخية شهدت حروب وثورات تحت هذه التسميات والمسمَّيات ، بالإضافة إلى الحالات المذهبية والطائفية والحزبية، فيكون من حق أي طائفة أو حزب أو مذهب عندما يشعر بالخوف والهيمنة أن يتكاتف ويتحالف بغية المواجهة والمجابهة، وخصوصاً  إذا كان الشعور بالإبعاد والإقصاء عن المشاركة تحت سقف ما يسمى بالقانون والدولة...هنا لا نرى أي قيمة لأي تشريع من الأنظمة والقوانين حتى لو كانت صالحة إذا لم تمثِّل الأكثرية الغالبية، هذا المبدأ لا يقدِّسه إلاَّ من إبتعد عن الأهواء والغرور والإستعلاء والتكبر ،ورفض منطق الأنانية الشيطانية، ويحترم القيم الروحية والإنسانية..فالنظام العادل حتى لو كان إسلامياً لا يمكن أن يؤدي إلى خير المجتمع وحمايته ،وبحسن السلوك والسيرة، ويؤكد هذا ما ورد في المرويات "أنَّ الإيمان لك والخير للناس والمجتمع" وما ورد عن أئمة أهل البيت(ع) لأتباعهم ومحبيهم وشيعتهم ، عن إمام الإنسانية "زين العابدين " في دعائه: "وألبسني زينة المتقين في بسط العدل، وإطفاء النائرة، وضمِّ أهل الفرقة، وإصلاح ذات البين.....ولين العريكة، وخفض الجناح....وأكمل لي بدوام الطاعة بلزوم الجماعة"...أليست هذه دعوة إلى الأتباع ما يدل بوضوح على أنَّ خفض الجناح والإبتعاد عن منطق القوة والتهديد والوعيد، وهذا لا يحصل ما لم يقترن بلزوم الجماعة، ومعنى ذلك هو العيش معها وعدم الإبتعاد والتَّفرد عنها...وفي قول الإمام علي (ع) "الزموا السواد الأعظم ، فإنَّ يد الله مع الجماعة" وهذا يعني أيضاً أنَّ قدرة الله لا تفارق الجماعة ما دامت إرادتهم واحدة ، ومصيرهم وقرارهم واحد...وهذه دعوة تعتبر أنَّ من يخالف الجماعة قد يكون خارجاً عن الوحدة ،ويؤدي إلى الهلاك والحرب والعزل..هذا ما نشهده اليوم في عالمنا الإسلامي والعربي ، وخصوصاً في العراق وسوريا واليمن..فالخيار هو دوام الطاعة بلزوم الجماعة والإندماج في المجتمع التي تلتزمه الجماعة والسواد الأعظم ،والإبتعاد عن هواجس التمايز والإمتياز، وعن القنابل الموقوتة دينياً ومذهبياً ، حفاظاً من الإنكسار والتلاشي والتشظِّي ،لأننا نعيش في بحر العالم العربي والإسلامي، التي تتجسَّد فيه حياتنا باتباع السواد الأعظم، بسياق إسلامي وعربي ،تتكوَّن فيه حرية الأوطان وسلامة الشعوب.