وإنك لعلى خلقٍ عظيم
أظهرت بعض الروايات بأن رسول الله يعبس في وجه البشر ولا يميز الأمور صحيحها من سقيمها وأنه يحضر حفلات الرقص ولا ينتبه لحرمات الله وعشرات الصفات الذميمة  التي نسبت اليه وهو بريء منها.
قررت المنظومة المعادية وخاصة الأموية منها أن تهمش الرسالة وقائدها من كثير من الصفات الحميدة ودأب آل ابي سفيان على ذلك.
ولكن الآية الكريمة 
وإنك لعلى خلق عظيم ....
نفت كل ما سيأتي من مشكلات وإشكالات حول الرسول وبالتالي هيءّ القرآن الأرضية لنسف كل الروايات التي تذم الرسول( ص).
إلا أن  الكثير من المسلمين صدقوا  الروايات الأموية وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم  فقط رضا لعيون بني أمية أو لجهلٍ .
إن طرح المفاهيم القرآنية في إطار جدول التنزيل يزيل الكثير من الشبهات والإشكالات .
وإذا أخذت بالحسبان أن السور القرآنية التي نزلت في سنة واحدة هي معدودة ومحددة  وقد لا تتعدى العشرة سُوَر لعرفت مدى أهمية دراسة القرآن من الناحية التاريخية والإجتماعية .
فقد قام  المسلمون والرسول بترديد هذه الآيات أكثر من مرة حتى يهضمها المؤمنون ويتنبه اليها الكافرون. 
فهكذا يناقش المؤمنون الآيات والمفاهيم حتى النهاية ومن ضمنها خُلق النبي ويقرنون الأعمال بالأقوال .

هكذا تكون الآيات مصاديق الأفعال وتثبت الأعمال صدق الأقوال حتى ولو كان رسول الله.
ذهب البعض الى  أن كلمة خُلق هي الدين إلا أن الخُلق هو اهم من الدين وأكثر عمقاً فالدين مجموعة أحكام حرام حلال مكروه أما الأخلاق تتعدى الى أكثر من ذلك فكل حلال خلق طيب  ودين بل تكون التقوى أخلاق والمعالي الرفيعة اخلاق والعفو اخلاق والتنازل عن الحقوق اخلاق ومساعدة الخصم اخلاق فإذا أردت ان تكون خلوقاً فاقرأ دعاء مكارم الأخلاق لترى أنك في واد واخلاق آل محمد في واد؟؟؟؟فهل نتعلم منهم ؟؟؟.
وفي هذا الدعاء ....وهب لي معالي الأخلاق.
وقد أوجز النبي ص هدف البعثة والرسالة حيث يقول : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " 
وسئل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : أي المؤمنين أفضل إيمانا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : "أحسنهم أخلاقاً "
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول : " إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً" .
ويعرف الراغب الأصفهاني الخلق بقوله 
(والخَلْقُ والخُلْقُ في الأصل واحد... لكن خص الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخُلْق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة)  .
وعرَّف الجرجاني الخلق بأنَّه: (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويَّة، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقًا سيئًا)  
وهكذا فالخلق ينقسم الى سيّء وخيّر بينما عندما أراد الله التعريف بخلق نبيه قال إنك لعلى خلق عظيم ........
وصفه بالعظمة وليس بالخير وهذه الكلمة العظيم أو في معنى ادق لفظاً فالنبي لا يصدر عنه الا الخير والصلاح وهما ليس بمعنى الخلق العظيم وان كانا يدخلان فيه فكلمة خلق عظيم نفت كل الأوهام وضربت كل الروايات الكاذبة .
ولقد ذم القرآن عشرات الصفات  الأخلاقية السيئة في بدايات الآيات حسب جدول التنزيل فكل سيء ذمه الله سبحانه لا يمكن أنْ يأتي به النبي (ص).
وهكذا تبلورت صفات النبي في القرآن منذ البداية بل أخذت وقتاً ومساحة من الزمن .
فالاخلاق ومعرفتها كانت من ميزات القرآن الأولى لأن الدين  معاملة
فمفهوم الأخلاق طُرح مبكرا لأهمية هذا المعتقد وهذا الجانب الحيوي في المجتمع. 
فذميم الأفعال يمقتها القرآن ويجعلها من صفات بعض الكافرين وينبه المسلمين على خطورتها ويتوعد فاعليها بالويل وعظائم الأمور .
فَلَو قرأت آيات السور الأولى من منظور علم الأخلاق لوجدت عشرات المفاهيم الأخلاقية التي بحثها القرآن وأثار إشكالياتها وأعطى موقفا واضحا وصريحا منها .
بل قال ذرني والمكذبين......لأن الكذب صفة لا يحمد عقباها وكلمة ذرني تحمل من الغضب الالهي مما لا يمكن تخيله.

حسان أمين الزين