تنفي الأصوليَّتان السنيَّة والشيعيَّة ما أكده التراث الكريم من بُعدٍ إقتصادِّيٍ ومنفعيٍ للعبادات وحصر المنافع في الأبعاد الروحيَّة رغم متاجرتهم في المواسم العباديَّة وخاصَّةً في عبادتي الحجِّ والصوم....هذا النفي الأصولي يلغي من المضمون التجاري للعبادات كقاعدة ويعتبرها بعد مُحاججةٍ إستثناءاً وافداً ودخيلاً على روحيَّة العبادة المتصلة بحالةٍ معنويَّة لا يعتريها شائبة ماديَّة في أيِّ طرفٍ من الأطراف ولهذا يعتقد الكثيرون من المسلمين أنَّ العبادة تحوَّلت إلى ما يُشبهُ الظاهرة وانتشرت دون أن تتعرَّض لقمعٍ من قِبَل سلطات متعدِّدة منذ الإسلام الأول وحتى الآن نتيجة لمنافع إستفاد منها الجميع من سياسيين ودينيين وتجَّار وتحوَّلت إلى مصدرٍ مالي أساسي من مصادر السلطات القديمة والدول الحديثة..ثمَّة من يشير إلى أنَّ العبادات كانت كمغنطيسٍ جاذبٍ لمصالح الطبقات الفاعلة في المجتمعات العربية فانتشرت وساهمت نُخبها في تمريرها ودعمها لأنها شكَّلت المصادر الجديدة لنمو الأموال ورُوَّاج التجارات وكان ذلك تحفيزاً للدعوة الجديدة من مدخليَّة المحافظة على المصالح وعدم درءها لأنَّ ذلك سوف يؤلِّب أهل التجارة على الدعوة إذا ما حافظت على أسواقهم ومكاسبهم وقوافلهم لأنهم يمسكون بمفاتيح القوَّة في المجتمع القرشي أو في أيِّ مجتمع من المجتمعات..هذا التأسيس المصلحي إستقطب نواة قريش وما زال يستقطب السلطات على إختلاف أشكالها ولذا لم تواجه الدول العلمانية العربية مواسم العبادة لأنَّ العائدات الإقتصادية لهذه المواسم ضخمة وكبيرة جداً، فمن هنا نجد أنَّ الطقوس والشعائر ونسبيتها أو عدم نسبيتها في الإسلام لا تعني بالبعد الروحي أو التعبدي فقط الذي يسمَّى بالبعد الباطني، وإنما الأبعداد الإقتصاديَّة والإجتماعيَّة وحتى السياسيَّة لا تقلُّ أهمية عن البعد الباطني التعبدي، إن لم نقل أنها أكثر أهمية من قبيل صلاة الجمعة والجماعة وموائد الإفطار في شهر رمضان والحج الإبراهيمي الكبير وإجتماع المسلمين من شتَّى بقاع الأرض،بل حتى الضريبة الدينيَّة كالزكاة مثلاً التي هي بمثابة الضريبة ،هذا إذا ما قفزنا على دور الزيارات التي تسمَّى بالأقفاص الدينية إلى المراقد المقدَّسة وما تحدثه من آثار إجتماعيَّة وإقتصاديَّة وسياسيَّة ،ولا نرى هنا مجالاً للإفاضة في ذلك فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أحصى مراسلون ومحلِّلون غربيون أنَّ عدد الزوَّار الذين قصدوا كربلاء عام 2007 م  في ذكرى الإمام الحسين(ع) بلغ عشرة ملايين إنسان وكان الطعام والمنام مجَّاناً من الناس لمدَّة أربعة أيام،وهذا ما دفع أحد المعلِّقين إلى القول أنَّ السياحة الدينيَّة في العراق في مثل هذه المناسبات يمكن أن تدرَّ أرباحاً لهذا البلد تغنيه عن موارد النفط الهائلة