وجدت نفسي بلا إرادةٍ عندما شاهدتُ على مواقع "التواصل الإجتماعي" ومواقع "يوتيوب" حالة إعدام علني لإمرأةٍ إيرانيةٍ، فضلاً عن حالات مشابهةٍ لرجال أعدموا علانية وجهاراً، أنذاك هاجمني شعور بالإشمئزاز النفسي، وأنا أردِّد قول النبي (ص) "أن تخطئ بالعفو خيرٌ من أن تُصيب بالعقوبة" بالإضافة إلى الدين هو دين الرحمة والعفو،وكنتُ أسأل نفسي لماذا لا يشرِّعون عقوبة الردع بالسجن، أو بعقوباتٍ أخرى غير الإعدام؟..وعندما إشتدَّ الصراع بين التنظيمات الإسلامية في بعض الدول الإسلامية وخصوصاً في العراق وسوريا ،وكيف بدأت تلك الدواعش بتطبيق الأحكام الشرعية بحسب معتقدها،من قتلٍ وتعذيبٍ وإعدامٍ علنيٍّ، ومن مناظر الرؤوس المعلَّقة في الميدان، ومنظر العنق الطائر في الشارع وكأنه "كرة قدم" تتناقله الصبية من قدمٍ إلى قدمٍ، أيضاً هاجمتني نوبة إشمئزازٍ،وأخذت تطاردني في كوابيسٍ مخيفةٍ ومرعبةٍ، وبقيت نفسي تحدِّثني حتى عادت إلى بربرية العصور الوسطى،وإلى الآن لا أستطيع أن أنسى مشاهد الذبح من تلك المجموعات الداعشية وهي تحمل السكاكين والفؤوس لتجزَّ الرؤوس،وترى نوافير الدم تندفع وتتدفَّق من الرقاب،وأيدي الجزَّارين ملطخةٌ بالدماء، ورابني أيضاً خبر الإعدامات التي تمَّت في السعودية، حالة من التوتر النفسي والإشمئزاز القلبي،ولا أدري هنا إذا كان الأصل أنَّ الإعدام لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، إلاَّ أنه قد يتعارض مع الحالة الإنسانية، ولعلَّ التساؤل هنا يكون مشروعاً؟ تساءلتُ مندهشاً وفي حالةٍ من الذهول أنه كيف يمكن لشعبٍ متقدِّمٍ ومتحضِّرٍ أو بالأصح للنخبة المثقفة وأصحاب الرأي في ذلك،إلى حالةٍ من هبوطٍ في الحسِّ الإنساني والدِّرك الأسفل إلى اللإنسانية والقسوة والشراسة والهمجية، بحيث يكون الإعدام إلى نوعٍ من البهجة والسرور والفرحة المألوفة عندهم بحجَّة الحفاظ على النظام العام وبذلك نحقِّق حالة من الردع وأخذ العبرة لكل من تُسوِّل له نفسه بمخالفة حرَّاس الله...لا أدري كيف يستقيم هذا النوع من الهمجية مع التحضُّر في عصر الحداثة والحضارة؟ لعلهم قومٌ لا يفقهون معنى التحضُّر ومعنى كلمة حقوق الإنسان،ولا يمكن أن يتفق مع أبسط وأدنى حقوق الإنسان،وهذا ما يؤكد عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما نصَّت عليه المادة(لا يجوز أن نوقع على الإنسان أي عقوبات أو معاملات قاسية مهينة،أو لا إنسانية أو وحشية أو تحط من الكرامة) وهذه المادة تتنافى مع أي عقوبة جسدية من قطع اليد والصلب والرجم، فضلاً عن الإعدام العلني والقتل الغير علني، ولهذا سعى القانون العالمي الإجرائي الجنائي بعقوبات السجن لتنفيذ الأحكام التي يرتكبها الإنسان بطريقةٍ تحفظ للجاني والمرتكب للذنب إنسانيته مهما كانت الجريمة والعقاب حتى ولو كان إعداماً، فكيف لهذه الأنظمة (سواء كانت إسلامية أم عربية أم غربية) التي شرَّعت قانون الإعدام واعتادت على رؤية هذه المناظر الدموية التي تجمِّد المشاعر والأحاسيس عند الناس،وخصوصاً عند الأطفال والنساء والعجائز وهم يشاهدون هذه المناظر المرعبة والمخيفة..بإختصار يجب أن يبحثوا عن أسباب الجريمة قبل أن يُشرِّعوا الإعدام،والحفاظ على مجتمع سليم المشاعر وصحيح النفس والعقل، والأهم من ذلك أن يحتفظوا بإنسانيتهم لأنَّ عقوبة التشفِّي والإنتقام والمماثلة إنتهت وأشرفت على الإنتهاء مع سيادة قِيَم التحضر والحضارة