إنطلاقاً من الأثر النبوي القائل : "إنَّ ابن آدم  لن تزل قدمه - يوم القيامة – حتى يُسأل عن أربع منها : وقته "...

سأنبش الذاكرة لأستخرج منها ذكريات مخبَّأة في سراديب الوجع ، كمن يخلق من السراب ماءً ، يظن أنه غسل وجهه بماء قراح متهيِّئاً لأداء فريضة الصلاة والصوم في محراب العبادة ، فلم يجد لسان الواعظ إلاَّ بيع الوهم ، وتسويق الهم ، ووجع الأسى ، وكركعة عظام ركبيته ، حتى بُحَّت الحناجر ، ومنابر الوعظ ، وملَّت سجادة الصلاة ..

مسكينٌ ذاك (الموعوظ) والمُتعض المسكين الساكن سكون الأوهام ، الضَّانُ فيهم حسن الكلام ، وصناعة العمل ، استحوذت عليه منذ أن استوت على الجوديِّ سفينة نوح ، ما زال يُحصي عدد مساميرها ، ليطوِّرها ويُجمِّلها ، بتعدد أشكالها وأجناسها وأحجامها ، ولا تعدو كونها واحدة ، وهي أن القائد الواعظ هو أفضل من تسعى به قدمٌ ، ولا غرابةٌ في ذلك ، "لأنَّ الرَّاد عليه كالرَّاد على الله " لأنه من طائفة شعب الله المختار الذي لا يملك غيره العلم والمعرفة وتقدير المصلحة ، وإلاَّ فأنت من الشَّواذ ولا إعتبار لك ، لأنك تعرَّضت لغسيلٍ دماغيٍّ وهم ينسون أنَّ الغسل من الطهارة وأنَّ النظافة من صميم الإيمان...

فالقضية أكبر ممن تتصوَّرون لأنكم لا تدركون ولا تملكون المعطيات لمعرفة المصلحة من المفسدة ، ولا المعطيات لمعرفة الأخطار المحدقة من كل حدبٍ وصوبٍ..

فإن كان من تصويبٍ ورأيٍ ونقدٍ ، فليكن ضمن سقف واحد ، ولا يجوز أن ننشر غسيلنا في الهواء الطلق ، لأنَّ المسألة (كذا) ، نعم هناك أخطاء (ولكن) ، نعم نحن غير معصومين (ولكن) ، وهكذا دائماً يستدركون (بكذا..ولكن) هذا الإستدراك بماذا يفيد عند خراب الدور وخراب البصرة ، وكما يقول علماء النحاة ( الكلام المستدرك أهم من الكلام غير المستدرك )...

فالذي ينتقد من أجل أن يهنأ بعيشٍ وكرامةٍ ضمن بلده ومجتمعه ، فهو في نظرهم لا يعرف مصلحة نفسه فضلاً عن مصلحة بلده ومجتمعه ، ولا يُدرك عُقد الحبال التي تُلفُّ حول الرقاب ، ولا يعي الواقع الذي نمرُّ به ، لذا عليه أن يسكت لهؤلاء الذين يعرفون السياسة وما دحاها ، والسلطة وما وراءها ، والثقافة الناجية وما تلاها ، والأرض وما حواها ، لأنَّ الوعي رزقٌ من الله يعطيه من يشاء من عباده ، وهاتيك بعض السياسيين والدينيين مدرسةٌ واحدةٌ في العقلانية ، فيطالعنا بأبعاد المؤامرة (ولكن)....

بهذا ترجع لنا الذكريات والكتابات بأنَّ الله تعالى لم يخلق غيرهم لتحاك ضدهم المؤامرات ، وكأنهم الحملان الوديعة والمغلوب على أمرها ، آن لنا أن ندرك وننكر تلك الأمراض الفتَّاكة التي أودت بنا إلى ما وصلت إليه أمورنا ولا نريد عيش القطط التي تنام كثيراً ، وتنسى كثيراً ، وتتثاءب طويلاً...

فقد شبعنا من المراهنات على الوهم الكاذب ، فأول التعقل والتدارك والإدراك هو أن نضبط الساعة على التوقيت العالمي والإلتزام بالسواد الأعظم .