كلنا يتذكر عندما شاهد الدراما الكوميديا المسرحية المبدعة في عرضها لبساطة "عبدالبصير" مع الحكومة....؟

 يبدو - ولربما أكون مخطئاَ – أنّ معظم وغالبية الممانعة وجمهورها من نوعية هذا الشاهد الذي "ما شفش حاجة" هو شاهدٌ يعتقد أنه دون الخلق ، ويفهم ويدرك الواقع والحقيقة ولا يشوبهما أي مرية وشائبة، برغم أنه محدودٌ في ثقافته لأنه يمتلك بساطة إن لم تكن سذاجة، وربما تكون المحدودية في دينه ، لأنه مأمورٌ بتجنُّب الغيبة والبهتان وإتهام الناس ظلماً وزوراً ، وللأقل في الشبهات كما يوعظنا أربابهم "وفي الشبهات عتاب" أو " أخوك دينك فاحتط لدينك" أو " أمرٌ بين أمرين فأرجئه " .

هذا الشاهد يذهب إلى نيابتهم ويشهد معهم لأنه  "شاف" جريمة فكري ،.لقد منَّ الله عليهم بعيون "سوبرمان" فيعرفون نوايا الشخص من خلال مقال عن الدين مثلاً ، أو عن الأوضاع التي وصل إليها الشعب اللبناني ، أو عن السياسة المتبعة التي تجرّنا إلى أزمات تفوق قدرات اللبنانيين ، كل ذلك لأنه قد حرَّموا على هذا الشاهد نعمة البصر والبصيرة ونعمة العقل والتعقل ، بسبب محدوديته المميتة ،ولأنه قد يعجز عن أيّ كتابة أو رد منطقي ، لأنَّ الكتابة عندهم أمرٌ صعبٌ فيأخذون منطق الإسفاف فيذهبوا إلى تلك الشهادة لأنها أمرٌ سهل هنا ، مجرَّد إتهام ثم يذهب إلى قهوته وتدخين سيجارته ، ومن بعدها يخلد إلى سريره من أجل عبادة كواعب النساء .

وللأسف فإنّ هذا الجمهور يتقبل كل شاهد معهم ويشهدون بشهادة شاهد ما شفش حاجة ..

وهذا ما يحدث لدينا ، فالأمر الذي فتح الباب لكل من هبَّ ودبَّ لتقديم بلاغات وإتهامات ضد أيّ شخص لا يتبع سياستهم ، بعد الخطاب الذي أتحفنا به أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من إتهام ووصف لكل من خالفه "بشيعة السفارة" ، مع العلم بأنَّ السيد حسن نصرالله  له خطابات تشيد بالتنوعية الشيعية وأنها تخدم مصلحة الطائفة وأنها ليست حكراً على حزب الله ، "ما عدا مما بدا" ، فهذه طبيعة تحاول أن تخنق المثقف وترمي عليه الإتهامات من كل حدبٍ وصوبٍ ويتآكلها جمهور "شاهد ما شفش حاجة" ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ .

ولهذا يخطئ من يعتقد أنَّ مثل هذا الإجراء بحق كل شيعي حر سيعيق الفكر والنقد وحرية التعبير لأننا نعتقد أنَّ المستقبل يحمل في طياته ثماراً واعدة بمعاقبة كل سياسة لا تحترم حقوق الإنسان ،أو تنتهك حرية الرأي والتعبير ، أو تتعرَّض للكرامة والعرض ..

فيا أيها البلغاء في أعمال الكلام من على الشاشات وصفحات التواصل الإجتماعي والمنابر ، يا من تقضون عمركم بقصف عمرنا بالحكي الذي لا فائدة منه، إلاَّ تمجيد وشكر من علَّقوكم علينا ، فوق رؤوسنا كالعلق، وعلَّقوكم علينا لتقمعوا عقولنا وأقلامنا ، كما لإظهار أنفسكم أمام البلهاء الذين ما زالوا يحضرونكم لعدم قدرتهم إلى المسرح لمشاهدة مسرحية " شاهد ما شفش حاجة".