ورد في الحديث المنسوب عن الإمام علي (ع) أنه قال : " من كانت فيه دعابة ..فقد تبرَّأ من الكبر"... (أي الغرور) والمداعبات هي أمرٌ إنساني ووجداني عاطفي تبعث في النفوس والقلوب التفاؤل والخير والسعادة ، واللطائف والنكات  تفرِّج الهم والغم عوضاً عن معاناة ومأساة الواقع الذي يمرُّ في بلدنا ومجتمعنا ، لتتجاوز قساوة ومرارة الحياة ، وثقافة الزحام أسكتت الظرفاء والحكماء وأصابت العقل والقلب والجسد بموتٍ سريري ، إذ كيف يضحك المحزون والمغموم والمشرَّد والمأزوم والمزحوم ، ونصيبهم من هذه الحياة أنَّ طلاَّب الخير والدين والسياسة أرادوا لهم ذلك.
وصحيح أنَّ اللطائف والنكات والحكايات لا تعفينا من دفع فاتوة دروس الفقه والجهاد في الأرض، وفنّ السياسة في البحر النفطي ، والوعظ والدروس الخصوصية التي أوصلتنا إلى الديون والعجز والأكل الفاسد والمياه الملوثة، وإلى دفع فاتورة بلا كهرباء وبلا رئيس للبلاد ودفع فاتورة عيش الكرامة ، ويبقى الموقف في حدِّ ذاته مضحكٌ ضحّاكٌ ، وشرُّ البلية ما يضحك.
روى الكاتب "جمال الشاعر" في سنة 2005 م عن قرية روسية أصغرهنَّ سناً  فيها  تسعة وستون عاماً ، يقلن بافتخار..لقد دفنا كل الرجال وعشنا نحن ، في عام 2050 م  إن شاء الله سوف يصل عدد المسنين إلى مليارين من البشر وعددهم هو 606 ملايين ، وستفوق أعداد المسنين أعداد الأطفال للمرة الأولى في التاريخ.
أخبار طيبة لكن يا هنا من يعيش....! فكل ذي حاجة ملهوف....بعض الناس يرون أنَّ مجرَّد بقائهم أحياء هو في حدِّ ذاته معجزة ، فاليوم يمر عليهم كأنه سنة...وربما تفسير ذلك لماذا عندما يتقابلون يومياً ويتبادلون السلامات يقولون لبعضهم البعض كل سنة وأنت طيب..أو عندما يتناولون الطعام يقولون بالهناء والشفاء كأنه دواء ، ولا يقولون مثل آخرين صحتين وعافية.
وإمامنا وسيدنا علي بن أبي طالب (ع) يقول :" لو كان الفقر رجلاً لقتلته"..كان الناس في الماضية يحلون مشكلة الفقر بقصيدة شعر...والصحابي الجليل "جندب بن جنادة" المعروف بأبي ذر الغفاري يقول"ما ارتحل الفقر إلى بلدٍ...إلاَّ وقال له الكفر خذني معك" دروس دينية وسياسية أشعرية وشعرية.
وصحابي جليل إسمه النعيماني يُروى أنه كانت له لطائف ومداعبات لا تخلو من لطافة مع الرسول محمد (ص)  إذ أنه كان يذهب إلى الأسواق فيشتري اللحم والخبز والعسل وما لذَّ وطاب..ثم إذا جاءته فاتورة الحساب..قال للبائع إنَّ هذه الأشياء للنبي...فاذهب إليه يعطك الدراهم....وعندما كان التاجر يطالب النبي بتلك الديون ، كان النبي (ص) يضحك ويقول إنه النعيماني ثمَّ يستطرد قائلاً : النعيماني سوف يدخل الجنة باسماً.
كل عام وأنتم بخير.


 الشيخ عباس حايك