جورج جرداق.. قرأنا ما خطَّه يراعك في الأدب والشعر ، وما خطَّه في الإمام علي (ع).. رأينا عذوبة النفس في عذوبة اللفظ ، وطهارة القلب في طهارة اللسان ، وصفاء الذهن في وضوح الأغراض والمرامي والأهداف..ورأينا جمال الذوق في جمال الملاحظات والإستنتاجات ، والترفُّع عن مجاراة المغاليين والمتمسِّكين بالعنوان دون المعنون..كتَبتَ من كتاب المعاني والواقع ، لا من كتاب الألفاظ والمفاهيم ، لأنه كان يؤثر أن يتعلَّم عنه القاصرون والعاجزون عن فهم علي (ع)... هو الطاهر العفيف الذي يحضن بين جدرانه الشامخة روحاً زكيةً راقدة على منبر العبادة " حبُّ علي عبادة " فيخطفها بظلامه وحيدة من بين الأهل والأحبة ، ويذهب بها بعيداً إلى مأواها الأخير....تلك الروح التي إمتلأت محبَّة وسلاماً ، فكانت القدوة في الأمة العربية والإسلامية والمسيحية ، ناشراً الأدب والشعر والثقافة بين أهلها ، ومفكراً لكتابٍ تسطَّرت فيه المواعظ والحِكم في تاريخ "علي " (ع)...فأنار القلوب وأرشد النفوس إلى طريق الحقيقة ، فيخرج من بين سطوره البيضاء معرفة العدل والعدالة والحرية في التاريخ...أيها الكوكب المُطلّ من علياء سمائه ، أنرت الأرض والإنسان ، فهل لك أن تشرق من نفوسنا فتنير ظلمتها ، وتبدِّد ما أظلَّها من سحب الهموم والأحزان ، يا أيها الأفق الواسع والمحيط ، بك خَاتَمٌ صِيغَ من الأنوار ، وهذه أشعة جداولك تندفق ، وهذه كواكبك شررٌ تتألَّق...كتاباتك هي أحجار بناء في الأخلاق الفاضلة في هذه الأمة ، فتعلَّمنا منها ، ويتعلَّم الكثير كيف يستطيعون أن يتناظروا ولا يتشائموا ، وأن يتعاونوا على الحقيقة المبهمة ، فيكشفوا الغطاء عن وجهها ، دون أن يريقوا في معاركهم قطرة واحدة من دم الفضيلة والشرف...دمعةٌ ودموعٌ على الأدب ، ولروحه العالية التي خفقت في سماء هذه الأمة خفوق النجم الزاهر في سمائه ، وتشرق في نفوس أبنائها إشراق الشمس في دارتها ، فتبعث العزيمة في قلب العاجز ، والشجاعة في فؤاد الجبان ، وتقوِّم في الأخلاق معوجُّها ، وتصلح من الآداب فاسدها...نودعك بآيات الله المباركة ، وترانيم الخشوع ، وتوسُّل الدعاء... " نعى الآداب علماً واحتشاماً....وذاك الصَّوغَ  في ذاك الجلال "....الشيخ عباس حايك