منذ أن اكتسبت جلسة التشريع المعلقة على نار الخلافات الداخلية طابع الضرورة، بدأت تسلك طريقها نحو الانعقاد، مستفيدة من اقتناع تكون لدى مختلف القوى السياسية بضرورة السير بتسوية تعبد الطريق أمام خيار التمديد للمجلس النيابي.

مع اقتراب موعد انتهاء ولاية المجلس الممددة بعد أقل من شهرين من اليوم، ومع تعذر اجراء انتخابات نيابية لألف سبب، بدءاً من الوضع الامني غير المستقر، مرورا بعدم وجود قانون جديد للانتخاب، وصولا الى عدم استعداد أي فريق سياسي لخوض غمار الانتخابات في ظروف غير مؤاتية، تكثفت الحركة السياسية في الاسبوعين الماضيين لرسم سيناريو التمديد وتحضير المناخ المؤاتي له.
وبدا ملف سلسلة الرتب والرواتب المدخل الافضل لسيناريو التمديد، وتولى اخراجه كل من "تيار المستقبل" ونائب رئيس "القوات اللبنانية" جورج عدوان، مع رئيس المجلس نبيه بري ووزير المال علي حسن خليل.
بالمبدأ، سلكت السلسلة طريقها الى الجلسة العامة التي يرتقب أن تتم الدعوة اليها الاسبوع المقبل، وذلك بعد عودة رئيس الحكومة تمام سلام من نيويورك نهاية هذا الاسبوع، حيث من المقرر أن يلقي كلمتي لبنان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وفي اجتماع مجموعة الدعم الدولية يوم غد الجمعة.
أما اجتماع هيئة مكتب المجلس لوضع جدول أعمال الجلسة التشريعية، فمتوقع غداً الجمعة.
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ"النهار"، فان جدول الاعمال سينحصر في ثلاثة بنود رئيسية: سلسلة الرتب والرواتب، تجديد الاجازة للحكومة لاصدار الاوروبوند، واجازة اعتماد اضافي لدفع رواتب القطاع العام (وهو اقتراح كان سبق لوزير المال أن قدمه بقيمة تقارب الـ1600 مليار ليرة).
اما البنود الاخرى التي سبق أن اشار رئيس المجلس الى امكان ادراجها على الهيئة العامة مثل تعديل قانون الايجارات وترميم قانون الانتخاب، فيمكن أن تترك لجلسة اخرى، وخصوصا أن بري يسعى الى عقد أكثر من جلسة تشريعية وفق مبدأ "الضرورة"، بهدف اعادة تفعيل المجلس في الولاية الثالثة التي تنتظره.
لا يزال الحذر يشوب التسوية الاخيرة التي سار بها كل من "المستقبل" و"القوات" و"امل" (حتى الآن). فهي تنص على اعطاء الاسلاك الدرجات الست بما يرفع كلفة السلسلة الى 200 مليار (من 1800 مليار)، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة واحد في المئة (الى 11 في المئة) في مقابل تقسيط السلسلة لسنتين من دون مفعول رجعي، وغض النظر عن مسألة حسم 10 في المئة منها، اضافة الى تعديل دوام العمل وزيادته الى 35 ساعة (مع التعطيل يوم السبت).
ولم تذلل بعد كليا مسألة الايرادات. فالايرادات المتوقعة حتى الآن تبلغ 1350 مليار ليرة ( في أفضل الاحوال) يضاف اليها نحو 200 مليار متوقعة من زيادة الضريبة على القيمة المضافة، فيما يرتقب أن تؤمن البنود الاصلاحية وفرا بنحو 100 مليار، ويبقى امام المجلس أن يؤمن ما مجموعه 200 مليار للحؤول دون أي عجز بين الاكلاف والايرادات.
وعلم في هذا السياق أن كتلة "المستقبل" ستتقدم باقتراح قانون لتسوية الاملاك البحرية، يمكن اذا تم اقراره أن يغطي العجز الباقي، فيما يتمسك النائب وليد جنبلاط بموقفه الرافض لاقرار السلسلة من دون تغطية اكلافها بالكامل، وينحو في اتجاه زيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة 2 في المئة بدلا من واحد في المئة، بحيث تغطي كل الكلفة، لكن بري لا يزال ضد هذا الخيار.
وينتظر ان تتبلور طريق السلسلة بعد اطلاع وزير المال علي حسن خليل على آخر البنود التي تم التوافق عليها وابداء رأيه فيها.
لا تقلل مصادر نيابية من أهمية اقرار السلسلة رغم اكلافها العالية لجهة توفير بعض السيولة التي تشجع الاستهلاك وتعزز القدرة الشرائية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، لكنها لا تنكر أن هذا الامر لم يكن ليحصل لو لم يكن الهم الرئيسي عند القوى السياسية منصبا على انجاز التسوية في شأن تمديد ولاية المجلس. وتكشف في هذا السياق أن التشريع سيرتبط في شكل رئيسي بالتمديد للمجلس، وسيكون شرطا اساسيا له، علما ان رئيس المجلس كان نفى هذا الربط، وقال امام زواره في لقاء الاربعاء النيابي امس ان لا علاقة لانعقاد الجلسة التشريعية بموضوع التمديد للمجلس، وان احدا لم يفاتحه في التمديد، وهو لا يزال على موقفه الداعي الى اجراء الانتخابات النيابية".
في أي حال، يبقى تذليل العقد من أمام الجلسة وانجاز التفاهم النهائي على بنودها رهن اللقاء الذي سيجمع بري الى رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة خلال الساعات الـ48 المقبلة، فور عودة السنيورة من السفر، علما أن اللقاء يأتي في الاساس بناء على طلب وفد من قوى 14 آذار ضمن المبادرة الرئاسية التي اطلقتها هذه القوى. ولكن المصادر لا تستبعد خلوة بين بري والسنيورة على هامش اللقاء، أو قبله او بعده.