ماذا حمل معه وزير الخارجية الاميركية جون كيري من رسائل الى لبنان والمنطقة وماذا اراد من زيارته التي تزامنت مع الاعلان الرسمي عن فوز الرئيس السوري بشار الاسد في الانتخابات الرئاسية لولاية ثالثة؟ وهل صحيح انه لا يحمل معه اي مشروع يتعلق بلبنان وان بلاده لا تضع فيتو على احد، وفي الوقت نفسه لا تدعم اي مرشح ولا تسمي اي شخصية للوصول الى قصر بعبدا؟
اسئلة مشروعة من المرجح ان يكون رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد رد عليها من خلال اعتباره ان كل ما جاء في مؤتمر كيري الصحافي بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام لم يتم التداول به في عين التينة، في اشارة واضحة الى ان الوزير الاميركي لم يفصح عن حقيقة ما يحمله في جعبته ولم يسمّ الاشياء باسمائها، بل عمد الى اخفاء حقيقة ما تضمره الادارة الاميركية للبنان، خصوصا ان ما جاء في مواقفه يحمل الكثير من اللبس والغموض، بما يسمح بالقول انه جاء ليعيد الامور الى مربعها الاول لاسيما بعد اشارته الى التشكيك بنتائج الانتخابات السورية انطلاقا من بيروت.
زيارة الخمس ساعات التي قام بها كيري الى لبنان والتقى خلالها رئيسي الحكومة تمام سلام والمجلس النيابي نبيه بري بمحطاتها، حملت الكثير من التناقضات بما يسمح للمصادر بالتأكيد بأنها تحمل رسائل عدة تمحورت حول الاستحقاقات اللبنانية والاقليمية والهدف واحد بحسب مصادر مواكبة، وهو رسم خريطة طريق لانجاح ملفي النفط الغاز المزمع استخراجه من جنوب لبنان وعلى تماس من الحدود البحرية مع اسرائيل، بما يسمح بالاعتبار ان هدف الزيارة هو رسم خطة امنية سريعة، او بالاحرى الابلاغ عن نية واشنطن الاعداد لخطة امنية اقليمية تضمن أمن منابع الغاز ومعابره في ظل وجود اكثر من تنظيم ومجموعة قريبة منهما.
في هذا السياق تؤكد مصادر مواكبة، ان الهدف الاساس للزيارة هو ابلاغ المعنيين بالقرار الاميركي وليس النقاش حوله، او بما يحمله من سلبيات او ايجابيات. فوقت الزيارة من لحظة الوصول الى ساعة المغادرة لا يسمح بالقول بان نقاشا معمّقًا دار حول الملفات الاقليمية المطروحة، وبالتالي فان الوقت الذي خصصه كيري للزيارة بالكاد يكفي لابلاغ المعنيين بما هو مطلوب من لبنان في هذه المرحلة، وهو لن يكون بعيدا عن اقحامه بصورة مباشرة في مشروع الحرب على الارهاب، خصوصا ان الزيارة تزامنت ايضا مع اعلان اوروبا وتركيا لادراجهما المزيد من التنظيمات الاسلامية على لائحة الارهاب، وعلى رأسها جبهة النصرة، في مشهد يوحي بان المضمون متكامل ومعد سلفا ولم يعد ينقصه سوى المباشرة في التنفيذ.
هذا لا يعني بحسب المصدر ان الزيارة لم تحمل جديدا على صعيد ملف الاستحقاقات اللبنانية وهي تتراوح بين الرئاسي والنيابي، بل على العكس فانها دعت الى المزيد من الارباك في ظل عدم فهم لمضمون المواقف. فمن جهة اكد كيري على دعم الحكومة ومن جهة ثانية دعا الى عدم افراغ الساحة المحلية من مضمونها السياسي عبر الفراغ الرئاسي، علما بان صلاحيات الرئاسة الاولى لا تقدم ولا تؤخر في المسارات الاساسية بل انها مجرد محطات معنوية لا تؤثر على مجمل المسارات لا من قريب ولا من بعيد.