كشف تقرير شرقي عن سلسلة من اللقاءات المستمرّة بين أجهزة المخابرات السورية ونظيرتها الاميركية في إحدى العواصم الأوروبية انتهت بنتيجتها إلى اتفاقٍ غير معلن على تحريك الملفات العالقة بدءا من الميدان السوري مرورًا بالحراك السياسي الخليجي والاقليمي وليس انتهاءً بملف النازحين السوريين على وقع الغارات الاميركية التي بدأها التحالف مستهدفا مراكز الثقل الداعشي التي تتمثل بقصف المنشآت النفطية التي سيطر عليها التنظيم الارهابي في سوريا والعراق بهدف ظاهره تجفيف منابع التمويل الذاتي للتنظيم وباطنه إعادة رسم خريطة اقتصادية جديدة انطلاقا من اعادة السيطرة الاميركية على منابع النفط واستطرادا ابتزاز موازنات البترودولار في ظل أرقامٍ أكدها التقرير وهي تتحدث عن تمويل عربي لمحاربة "داعش" تبلغ بمجموعها ما يمكن أن تنتجه الآبار الاساسية في الخليج لمدة أكثر من عام، وذلك على اعتبار أنّ كلفة كلّ طلعة جوية تقوم بها المقاتلات الاميركية تبلغ أكثر من عشرة ملايين دولار عدا عن كلفة صواريخ التوماهوك وسائر الترسانة الاستراتيجية ومن ضمنها صواريخ ما زالت في طور التجارب في ما يشبه حقل مناورات مدفوع الكلفة والتكاليف ومستوفي الشروط السياسية ما يعني أنّ استمرار الحرب على الارهاب لمدة سنة واحدة قد تصل نفقاتها إلى أكثر من خمسين مليار دولار مسددة بمعظمها من دول الخليج.
ويعتبر معدّو التقرير أنّ المنطقة برمتها دخلت مرحلة جديدة حافلة بالتطورات والتحولات، بيد أنّ النقطة التي لم يتطرق إليها هؤلاء بوضوح هي مستقبل المنطقة وما إذا كانت ستشهد تحولات جيوسياسية أساسية أم أنّ الأمور ستنتهي عند تشكيل فيدراليات داخل كل دولة مع ترجيح هذا الاحتمال لعدّة اعتبارات أولها أنّ إنشاء كيان سني والمقصود هنا ليس دولة اسلامية من شأنه أن يستقطب الاسلاميين من الدول الأميركية والأوروبية، فضلا عن الداخل الفلسطيني والاسرائيلي لا سيما إذا كان هذا الكيان يتمتع بحوافز اقتصادية على غرار المعابر النفطية الآمنة التي تضمن مدخولا اقتصاديًا كافيًا لانشاء أسواق تجارية واستهلاكية.
ما يعزّز هذا الاعتقاد هو المشهد الميداني الذي بدأ يلوح في الأفق الاقليمي بدءا من العراق مرورا بسوريا وليس انتهاءً بلبنان، فالتقدم السريع للجيش السوري على محاور الغوطة دون سواها يوحي وكأنّ النظام يرسم معالم كيانه وعاصمته لاسيما أنه لم يحاول حتى الآن الاستفادة من الضربات الجوية التي نفذها الائتلاف الدولي داخل أراضيه ولا حتى من الناحية السياسية بالرغم من أنّ الضربات الجوية داخل الاراضي السورية تثبت وجهة نظر النظام وما كان ينادي به منذ سنوات حول محاربته للارهاب وليس لمجموعات معارضة كما أصرّ البعض ممّن شارك في الغارات على تسميتها، بحيث بات واضحًا أنّ الشمال السوري تحول إلى كيان إسلامي لم يعد ينقصه سوى بعض التعديلات ليتحول إلى أمرٍ واقع وإن كان ذلك في ظل نظام الاسد.
من جهة ثانية، توقف معدو التقرير عند المشهد في عرسال والشمال في ظلّ دعوات أممية لتحويل مخيّمات النازحين إلى ما يشبه المحميات والكيانات الانسانية، فاعتبر أنّ ما يقوم به الغرب لجهة تشجيع الحكومة اللبنانية على الفصل بين محاربة الارهاب التكفيري والتضييق على النازحين مع علمهم اليقين بأنّ هذه الاخيرة تحولت إلى ما يشبه الثكنات العسكرية ومراكز التدريب، إضافة إلى كونها مركز دعم لوجستي قادر على رفد أيّ جبهة بأعداد كبيرة من المقاتلين المدربين والمسلحين ما يعني بحسب هؤلاء مشروع حرب لبنانية جديدة تسمح للجيش السوري بالتدخل المباشر في شمال لبنان بحجة منع وصول "داعش" وأخواتها الى البحر والاستفادة من السواحل لتعزيز القدرات القتالية خصوصا بعد رصد الكثير من كبار الممولين القادرين على مد هؤلاء بالسلاح والدعم المالي بهدف الوقوف بوجه ما يصفونه بالمد الايراني عبر اذرع طهران الموزعة بين لبنان وسوريا مرورا بفلسطين ودول الخليج التي قد تدخل في القريب العاجل مدار الربيع العربي من دون ان تتحسب لنتائجه.