ظني المثقل باليقين أنَّ الربيع العربي قد يصل إلى لبنان في فصل من فصول الشعب ، لنتحرَّر ونُحرِّر الدولة من سياسات الأسواق التي تريد بيع لبنان في مزادات الإنتماءات الخارجية ...ونتيجة للحكومات والأنظمة المستبدة والصراعات على النفوذ والسيطرة تحت عناوين ومسميات عديدة التي لم تعد تخفى على الشعوب المطالبة بالحريات والحقوق..ومع الأسف فإنَّ هذا المبدأ الهام الذي يُعبِّر في مضمونه عن جوهر الإنسانية يتعرَّض لحملة شعواء من قِبَل السلطات والأحزاب السياسية والدينية على حدٍّ سواء...فأصحاب القرار السياسي والديني يشعرون بالضيق والحرج والإهتزاز والخوف من فسح المجال للحريات السياسية لئلا يتجاوز الشعب الخطوط الحمراء في عملية النقد والإعتراض الديني والسياسي ، ويحوِّل رموز هذا النظام إلى عناصر مهزوزة أمام حالات الصراع الفكري والسياسي والإجتماعي...وأما رجال المؤسسات والأحزاب الدينية المنتشرة بكثافة فإنهم بنفس الدور يخشون من هذه الكلمة على دين الناس ومعتقداتهم لئلا يقعوا في الضلال والشرك والكفر وفساد المعتقد والمذهب ، فهم دائماً يحاولون إضفاء عناوين دينية وحسَّاسة تُثير في نفوس الناس الحالة التعصبيَّة والمذهبية ، وخصوصاً  عندما يتنازل الإنسان بكامل إرادته واختياره عن حريته وكرامته وإنسانيته لصالح حفنة من الأفكار الضيقة والأوهام الإيديولوجية بإسم الدين وتحت شعار المذهب وبتحريك من الذين يفرضون أنفسهم قوَّامين على الناس وسفراء الله بين عباده...أمام هذه الأفكار الأيديولوجية نرى بعض الشباب بعمر الورود يفجِّرون أنفسهم إنتحاراً ويقتلون الأبرياء من الناس تقرُّباً وقربة إلى السماء...وأمام مشهد آخر دخول ومشاركة الأحزاب الدينية في الصراع السوري ممَّا جعل لها التبريرات للقتال والتقاتل والقتل تحت وظيفة إسلامية تطهير الأرض من التكفير والكفر...كل ذلك ناشئ من حرمان الإنسان من الإطلاع على فكر الآخر ورأيه والتعامل معه بلغة الكفر والزندقة والمروق على الدين والخروج عن طاعة الحاكم ،مما جعل المجتمع اللبناني تحت خط الفقر والبؤس في أغلب المناطق التي تشمل جبهتي آذار جنوباً وشمالاً ، فهي من ثمرات مما كسبت أيديكم ، أم مما صنعه العدو الإستكباري...أكثر من 11 مليار $ صرفت دولة الجيش والشعب والمقاومة من جيوب الشعب على شركة الكهرباء ومع ذلك فإنَّ أكثر بلدان العالم تخلُّفاً كهرباؤه أفضل من كهربائنا ، فهل هذا مما كسبت أيديكم أم مما صنعه العدو الإستكباري...من هنا تأتي مقولة (فولتير) " لو لم يكن الله موجوداً لوجب أن نخلق الله لأنها تعالج لنا كثيراً من أزماتنا الروحية "..في لبنان تبريرات فولتيرية تحت أسماء ومسميات عديدة لتبرِّر لنا كثيراً من أزماتها النفسية والسياسية والإقتصادية والأمنية والإجتماعية ، ولتحمِّلها مسؤولية إختلاس أموال الشعب اللبناني ، ولتحمِّلها أيضاً الجحيم الذي يعاني منه المواطن اللبناني تحت هذه المعادلات ، وهذا مما كسبت أيديكم لا مما قضى به الله وقدره لنا ولكم...قال تعالى في سورة الروم أية 41 " ظهر الفساد في البَرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلَّهم يرجعون" / وفي سورة الشورى أية 30 " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير" / وفي سورة الأنفال أية 25 " واتَّقوا فتنةً لا تُصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أنَّ الله شديد العقاب"...."وفي موقف لأمير المؤمنين علي (ع) عندما دخل عليه صَفيَّه وتلميذه عبدالله إبن عباس يوماً فوجده يخصف نعله ، فعجب ابن عباس من أن يخصف أمير المؤمنين نعله بنفسه ، وهو يحكم مناطق شاسعة من العالم القديم ، فقال لابن عباس :ما قيمة هذه ؟ مشيراً إلى نعله – قال : لا قيمة لها...فقال الإمام علي (ع) : والله لهي أحبُّ إليَّ من إمرتكم إلاَّ أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً.... " فالسلطة تعني عنده إذن إقامة الحقوق.... في الوقت الذي نرى فيه ما يريح الدول الإستعمارية والإستكبارية إستمرار القتال بين أبناء المسلمين جميعاً...وعلى أية حال ما يهمنا في هذه المقالة هو دراسة موقع الحريات السياسية في مجتمعنا التي تنطوي ضمن إطار الديمقراطية وحق الفرد باتخاذ قراره واختيار حياته من دون أي إكراه تحت عنوان الخبز السياسي في بلدي..