محاضرة شهيرة حول (المحنة ) للمفكر الإسلامي الشهيد محمد باقر الصدر جاءت في سياق القساوة والسخط والتي انحى فيها باللوم واللآئمة على رجال الدين والعلماء وتقصيرهم وجهلهم وأنهم يتحمَّلون كامل المسؤولية وممَّا سمَّاه إفلاس الحوزة وضياع الأمة ، بل وضياع المجتمع والمسلمين...ويروح الشيخ النائيني إمام الطائفة الشيعية أكثر قساوة على أولئك الذين يتلفَّعون بالدِّين ويؤولون نصوصه لمصالحهم ومصالح أسيادهم وأحزابهم وقبائلهم ويحكمون بإسم الدِّين تحت عنوان الرخص والمعاذير ، ليتوهَّم الناس هذا ما يريده الدِّين وبالتالي ما يريده الله منهم ، أو أولئك الذين يوظفونه لأهوائهم وللحفاظ على مكانتهم السلطوية الدينية ، ويؤكد ذلك بإنفعال واضح أنه لا فرق بين السجود للفراعنة والطواغيت وآلهة البشر وإنتظار الغفران من البابوات وبين الإنقياد الأعمى للإكليروس الشيعي الذي يموِّه سلطته الإستبدادية بوظيفته الدينية مقارناً ذلك بالإكليروس المسيحي في القرون الوسطى معتبراً أنَّ هذه الفئة من المعمَّمين أضر على المجتمع والعباد من الجيش الظالم المعتدي...ويذهب العلامة الشيخ محمد جواد مغنية بقسوة على أولئك المتلفِّعين بالدِّين للحد الذي يخرجه عن طوره وينحو كما النائيني والصدر قائلاً : إنَّ العاهر أفضل من رجل الدِّين المزيَّف أو المتاجر بالدِّين – لأنَّ تلك كما قال – تتاجر بأقذر ما في بدنها ، فيما يتاجر رجل الدِّين المزيَّف بأقدس ما جاء به الأنبياء... وعلى هذا الأساس والمنوال جاءت بعض الكلمات للسيد الخميني في وصيته التاريخية إتهم فيها أولئك المتلفِّعين بالجهل والغباء وأنهم يعتاشون على الولاية ويجعلونها أداة للكسب والإرتزاق حتى إرتقى بالوصف قائلاً : أنَّ بعضهم حيَّات رقطاء وأفاعي سامَّة ملساء متبرقعين بالقدسية لخداع الناس وأنَّ بعضهم قصموا ظهر النبي (ص) وظهر الأمَّة...ولم تكن كلمات المرجع محمد صادق الصدر بأقل قسوة أو تبرُّماً من هذه الكلمات حتى إتَّهم الحوزة بالأنانية والجبن والقعود وكيف قسَّمهم إلى علماء ساكتين وآخرين ناطقين الحوزة الناطقة والحوزة الساكتة حتى وصف بعضهم الحوزة بأنَّها لا تجيد إلاَّ  الإستخارة وقبض الحقوق. وبالتالي فإنَّ المؤسسة الدينية لا تنطق إلاَّ بتلاوة بيانات ولا تصدر موقفاً خوفاً من الهيمنة الحزبية والسلطة السياسية... فمن هنا نرى أنَّ المرجعية والحوزة الدينية تحتاط في صرف الحقوق الشرعية على الفقراء والناس لعدم توفر الشروط الدينية كحليق اللحية أو مقصِّر في الصلاة  أو الإحتياط في صلاة العيدين التي ليس لها أي تدخل في حياة المجتمع بينما نراهم يسكتون ويحتاطون  كما أشار إلى ذلك العلامة السيد علي الأمين في بعض دروسه وإطلالته الإعلامية عن هذا السكوت الرهيب للحوزة والمرجعية الدينية في العالمين العربي  والإسلامي حيال ما يجري من قتال وتقاتل بين الأخوة المسلمين  ولا تحتاطون بسفك دماء الناس وأعراضهم وهذا نصه: "ولذلك طالبت قبل مدَّة بخروج مراجع الدِّين في العراق وغيره من الدول العربية والإسلامية عن صمتهم وهم يَرَون ويسمعون بذهاب أبنائهم – الذين يرجعون إليهم في معرفة أحكام الدِّين- إلى القتال على الأراضي السورية والدخول في فتنة عمياء فيها خسران الدنيا والدِّين"... إنه الصمت المرعب والغريب والعجيب فمصيبة الدِّين في جميع عصوره – كما قال أحد العلماء – فئتان : فئة أساءت إستخدامه وفئة أتقنت إستغلاله..فالتي أساءت إستخدامه ضلَّلت المؤمنين به..والتي أتقنت إستغلاله أعطت الجاحدين حجة عليه..