المسؤولية اليوم تقع على عاتق الشعب الايراني الذي صنع ثورته بوجه الشاهنشاه الذي خضعت له المنطقة بأسرها لينهض بوجه هذا الطاغية الجديد الذي يتلفع بالدين ولا يرتدع عن سفك الدماء وهتك الحرمات في سبيل المضي بتثبيت دعائم حكمه وطغيانه.
 
في ظل الأزمة الخانقة التي يعاني منها الشعب الايراني جراء العقوبات التي تفرضها عليه كبرى دول العالم نتيجة لعدم التزامه بالاتفاقيات التي أبرمت معه بشأن برنامجه النووي ترى القائد والذي من المفترض أن يسهر على تأمين الراحة والاستقرار لمواطنيه يأمر بانتاج أنشودة تحاكي الشعور الايماني لدى الفرد الشيعي بأنه يعيش ارهاصات الفرج والخلاص من هذا الحصار بل بدء مرحلة الانتصار الكبير على العالم الغربي ودخوله في الاسلام. هي جرعة أفيون لزوم عبور هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من عمر النظام والذي يهرب من مواجهة الشعب بالحقيقة، فالمستبد يتوسل الدين والعقيدة والتأويل الفاسد لهما لبسط سلطته وسيطرته وتثبيت شرعية حكمه بالقهر تارة والتأويل أحيانا كثيرة وهو الذي يستعمل العنف والاكراه وسيلة لإجهاض أي حركة تطالب بأبسط حقوق الناس، وبذلك فانه يتحلل من كل مسؤولية ويتهرب من الحساب وتبقى الأمة في سباتها تعيش الإنتظار الذي لا نهاية له مستسلمة لطغاتها ومستبديها غافلة عما يجري من تقدم وتطور لدى شعوب الأرض الأخرى تأكل وتشرب على أوهام صنعها الكذبة والدجالون من السابقين. فالطاغية الذي لا يأبه سوى لصورته التي يريد تظهيرها للناس يراقب أدق التفاصيل في حركة المجتمع السياسية والأمنية والثقافية تراه يأمر المتحلقين حوله بالعمل على انجاز مهمة تلميع وتنقية هذه الصورة وهم كثر من العلماء المنافقين الذين حفر رؤوسهم محفوظات كثيرة كأنها مكتبات مقفلة ،وهل هناك قضية أسمى من قضية المهدي ليسلب بها عقول الناس ويعطلها عن التفكير والانتاج؟ فمن أكبر الرزايا التي تبتلى بها الشعوب أو الأمم هي حاكم متسلط يرى نفسه ظل الله في الأرض فيشعر بأنه صنف آخر غير صنف الرعية ،فهو لا ينطق الا صوابا وكلامه كلام الله فهو خليفته على الناس وأوامره تكليف الهي والراد عليه تجري عليه أحكام الردة والخيانة، وكما يقال فان التجمعات البشرية السوية فيها رجال كثيرون يوصفون بأنهم قمم، أما البيئات المنكوبة بالاستبداد فدجاج كثير وديك واحد. ويجيب الكواكبي في كتابه الشهير طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد عن سر ابتلاء الناس بالاستبداد فيقول:فلا يولى المستبد الا على المستبدين وهو وباء دائم بالفتن وجدب مستمر بتعطيل الأعمال ،وحريق متواصل بالسلب والغصب،وسيل جارف للعمران ،وخوف يقطع القلوب ،وظلام يعمي الأبصار وألم لا يفتر ،وصائل لا يرحم وقصة سوء لا تنتهي. فالمسؤولية اليوم تقع على عاتق الشعب الايراني الذي صنع ثورته بوجه الشاهنشاه الذي خضعت له المنطقة بأسرها لينهض بوجه هذا الطاغية الجديد الذي يتلفع بالدين ولا يرتدع عن سفك الدماء وهتك الحرمات في سبيل المضي بتثبيت دعائم حكمه وطغيانه.