تفاجأت بأعداد السيارات المتوقفة أمام مبنى كبير على طريق طليا بعلبك فاسترقت النظر بعجالة الى مدخل المبنى فإذا بطابور من الأشخاص يبرزون بطاقات للحارس ويدخلون سألت رفيق الطريق معي لماذا كل هذه الجلبة أجابني أن هذا المبنى يستعمله حزب الله كمركز لبيع المواد الغذائية للحاصلين على شهادة تسوّل أسموها بطاقة سجاد نسبة الى الإمام علي السجاد وهو ابن الإمام الحسين عليهما السلام والمعروف عنه أنه كان يوزع المساعدات سراً على فقراء المسلمين ،تلك البطاقة التي أسميتها سابقاً ببطاقة شحّاد بل بطاقة شراء الذمم، بطاقة الإمعان في إذلال الناس، بطاقة الإنتماء للقطيع المتعجرف ولو كان جالساً على الخازوق.

 

 

حشدت أفكاري بعدما تقصيت عن المواد المباعة في تلك النقطة وقد علمت أنها مواد اشتراها الحزب باسعار مدعومة من أموال كل اللبنانيين التي تصرفت بها حكومة الإمعات السابقة أو هي مواد دخلت لبنان بطريقة غير شرعية وقد تهربت من دفع رسوم الجمارك وغيرها وحرمت خزينة الدولة حقاً هو لكل اللبنانيين؛ تشكّل هذه الظاهرة مؤشراً إضافياً وغير قابلٍ للشك على أن حزب الله لا يؤمن بتاتاً بالدولة والنظام العام، فإذا كان يؤمن بالدولة وقيامها فكيف يقوم بسرقة مواد غذائية هي حق لكل اللبنانيين ويبيعها مخفضة لفئة تناصره وتعطيه الولاء وستجدد له البيعة في الإنتخابات القادمة وهو الحزب الذي يقدم نفسه على أنه حزب الفقراء والضعفاء ونصير المظلومين والمقهورين

 

 

والمستضعفين ، أسأل كيف يستطيع أن يكون الإنسان إزدواجي المبادئ هكذا ويستطيع أن يخاطب الناس ويأخذها حيث يشاء طائعة لا تسأل عما يقول أو ربما لا تريد أن تسأل ، هذا التساؤل يأخذنا الى الطرف الآخر المستفيد من هذه التسهيلات والتقديمات فنستنتج أن الناس على دين ملوكها فهي لا تغدو  أن تكون كائنات بشرية تحركها الغرائز والمصالح تنقاد بإرادتها لبيع كرامتها وعنفوانها بكل كرامة وعنفوان.

 

 

نعم إنها أيديولجيات ما قبل الدولة حيث على الإنسان أن يعيش داخل القطيع ليؤمن قوته ويأمن على نفسه غير آبه لمستقبله ومستقبل أبنائه. 


في مجتمع ما قبل الدولة، يكون النفوذ لمصدر الكلام وليس للكلام بحد ذاته، ويتجسد ذلك في كل ما يصدر عن زعيم الجماعة، في نظام شبه عسكري أو إسبارطي يعتبر الخارج عنه إما مارقا او ضعيفاً


وحيث لا توجد قوانين أو شرائع يخضع لها الأفراد جميعا بلا استثناءات ما دام هناك من يحق له ما لا يحق لسواه، بسبب المكانة الموروثة أو احتكار القوة وأدواتها،


فهل هذه هي التجربة بالإدارة التي يريدنا الحزب أن نُعجَب بها ولها نركُن، ونحن نرى كيف يقوم ويتفنن بالسيطرة على رقاب الناس ليقتنص تمثيلهم ومن ثم يمارس طغيانه وفساده على اللبنانيين؛ أم أنه التغيير المنشود لوجه لبنان من خلال إقتصاده وبالتالي تغيير وجهه الثقافي والإجتماعي؟!!

 

 

لهذه الزمرة المتسلطة الباغية الفاجرة نقول نحن وإن كنا قليلي العدد إلا أننا نملك من العنفوان والكرامة ما يجعلنا نقف أمام جبروتها وصفاقتها وغدرها وطغيانها لنقول هيهاتِ هيهات...
هيهاتِ مِنّا الذِّلة ،


يأبى اللهُ لنا ذلك.