فيا أمهاتنا لقد قتل أبناؤكم مرة ثانية فأقيموا العزاء ولتنح النائحات وليلبس الوطن السواد ولكن لا تقولوا بعد اليوم أنها أعراس الشهادة بل هي حفر الفناء. عذراً لك يا أمي فلم نستطع أكثر من الإستنكار والغصة تخنقنا والعبرات على المآقي نندب تاريخاً تلوث بخيانتهم وعمالتهم وقذارتهم .
 

في أجواء عيد الأم سأخاطب والدتي تلك الأم التي ربت وليدها وأحتاثته بأجفان عيونها وأدَّبته وعلَّمته على الإستقامة وعلى البذل والعطاء وتقديم الغالي في سبيل الكرامة والعزة والحرية لتقدِّمه شهيداً على مذبح الوطن وذوداً عن الإنسانية المضطهدة ظناً منها أن من إستلموا الأمانة من يده هم أهلاً لها يحوطونها بكل ذلك العز الذي تركه لهم .

 

سأقول لها عفوا ومعذرة يا أمي فإن من أغمضتِ عينيك بسلام وأمان في ظلهم قد خانوا الأمانة والعهد وباعوا الذمم والضمائر بحفنة من الأصفر وسال عليها لعابهم يلحسونها ويقدسونها ويعبدونها من دون الله 
وصنعوا لنا أوهاما وأصناما
بشرية تتحكم بمصائرنا تكمُّ أفواهنا وتصادر كلمتنا يحاولون إجتثاث آراءنا ويستحمرون شبابنا 
ويمارسون دورهم في صمت وظلام وسوداوية وتخطيط متقن ،و يكلفون المتصدين لهم ضرائب باهظة أقلها التجويع والتسقيط والتصفيات الفكريةوالسياسيةوالجسديةالدموية.

 

يسلبون منا الوعي ويريدوننا في حظائرهم أجسادا بالية خالية من الإدراك والحس بالمسؤولية.
لقد تلفعوا بالدين وارتدوا لبوس الشرعية ليسهل عليهم تخدير العقول حتى أضحوا شياطين في محاريب الصلاة يشوهون القيم ويزنون بالمفاهيم .

 

أماتوا الأخلاق وأحيوا النفاق وتفننوا في توظيف الشعارات لخدمة أهدافهم وأنانياتهم ونفوسهم المريضة، فبات شبابنا لا يميزون بين الحق والباطل كما ورد عن ذاك الإعرابي الذي بكى حجر ابن عدي بعد مصرعه وهو يقدس القتيل وقاتله والسبب المقتول من أجله .
بينما هم باتوا يعيشون حياة الترف ويتوالدون مسوخا لا تعرف إلا الإسترخاء والركون للملذات .

 

فيا أمهاتنا لقد قتل أبناؤكم مرة ثانية فأقيموا العزاء ولتنح النائحات وليلبس الوطن السواد ولكن لا تقولوا بعد اليوم أنها أعراس الشهادة بل هي حفر الفناء.
عذراً لك يا أمي فلم نستطع أكثر من الإستنكار والغصة تخنقنا والعبرات على المآقي نندب تاريخاً تلوث بخيانتهم وعمالتهم وقذارتهم .

 

إن موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب.